خامساً - صناعة الخبز :
للخبز أنواع منها: خبز الشعير وخبز الحنطة ( القمح ) أو خليط من القمح والشعير كما كان هناك خبز الذرة سواء البيضاء أو الصفراء, وكان يتم نضجه بواسطة التنور أو الصاج.
وطريقة صناعة الخبز تتم في البيت حيث تقوم ربة المنزل بنخل الدقيق, ثم تقوم بعجنه بعد إضافة الخميرة وهي قطعة من عجين سابق تم الاحتفاظ بها, ويضاف الملح, وكان يتم العجن في وعاء نحاسي يدعى ( المعجنة ), ثم يغطى حتى يختمر, وتحتاج هذه العملية حوالي ثلاث ســـــــــــــــــــاعات, الصورة رقم ( 62 ) وتقوم بوضع الحطب أو الجلة في التنور ويوقد حتى تحمى جدرانه, وأثناء ذلك تقوم ربة المنزل بتقطيع العجين إلى قطع وتدعى هذه العملية بتقريص العجين, الصورة رقم ( 63 ) ثم تبدأ عملية الترقيق ( رَقّ الخبز ) حيث تتحول كل قطعة عجين إلى رغيف واسع, ثم يوضع على الكارة كما في الصورة رقم ( 64 ) وهي تشبه وسادة دائرية قماشية محشوة بألياف جذوع النخل يوضع عليها العجين المرقوق, ثم يلصق بجدار التنور وتقوم المرأة بضغط الكارة بجداره حتى يلتصق الرغيف تماماً, وعندما ينضج يتم سحبه من التنور باليد, وهذه العملية تحتاج إلى تمرين وتدريب للبنات بالتدريج فهي تسمح لها بلصق وسحب رغيف حتى تعتاد هذه العملية.
الصورة رقم ( 62 ) العجين في المعجنة
الصورة رقم ( 63 ) تقريص العجين
صورة رقم ( 64 ) امرأتان الأولى تقوم برق العجين والثانية تضع الرغيف على الكارة وثم على الصاج
والوقود المستخدم في التنور غالباً من الخشب أو الحطب ( الجلّة ), وأفضلها روث الأغنام والماعز والجمال, وكان يتم الحصول على الجلة شراء من البدو أو بجمعه من البراري المجاورة من قبل الأمهات وأولادهن ولاســـــــــــــــــيما من منطقة وادي العين أو أماكن تنام فيها الحيوانات, وتدعـى بالصير ( جمع صـيرة ) أو من المراح ( 10 ).
وخبز التنور أنواع, أفضلها خبز القمح لسعة رغيفه ورقته وطعمه اللذيذ, ثم خبز الشعير فخبز الذرة فهذا الأخير لا حيل له ( يصعب رقَّه ) لذا يبقى رغيفه صغيراً وسميكاً, حتى الحنطة (القمح ) أنواع من حيث الجودة للخبز, وأفضلها الحنطة الحورانية؛ أما بالنسبة للخبز فإن كان مدوراً ورقيقاً وواسعاً سمي رغيفاً, الصورة ( 65 ) وإن كان مدوراً وصغيراً وثخيناً ومثقباً بأصابع اليدين سميت الخبزة طلمية وجمعها طلامي وهي المتداولة في القريتين وتعني في القاموس الخبزة التي تنضج على الرماد الحار, أو كماجة كما في الصورة رقم ( 65 ) وهناك النفولة وهي أردأ ما يخرج من التنور من خبز, وهو الرغيف الذي لا يلتصق بجدار التنور فيسقط على الجمر ويفقد شكله الدائري غالباً وقد يصبح كتلة متكتلة ولا سيما إذا سقط مباشرة بعد دخوله التنور وغالباً مع البنات أثناء تدريبهن وأما مع المرأة الماهرة كأمهاتنا المتدربات فحدوثه قليل جداً .
وقد تستخدم المرأة أثناء عملية رق الخبز أصابع يديها في البدء, ثم تلوح به بيدها اليمنى حتى يرق قبل أن تضع الرغيف على الكارة, وأحياناً وبشكل قليل تســـــــــتخدم أداة خشبية تدعى الشوبك ( المدلك ).
الصورة رقم ( 65 ) الكماجات من أنواع الخبز القرواني
أما خبز الصاج فهو يختلف عن خبز التنور ومميز عنه, فهو أرق وأمرق عجينه ودون خميرة, ويمكن خبزه بعد عجنه مباشرة, وهو أوسع ولونه يختلف عن خبز التنور , وهناك خبز صاج تصنع منه الحلويات تدعى اللزاكيات ( السيالات ) صورة رقم ( 66 ) وهي حلويات متوارثة تشتهر بها القريتين حيث يتم وضع عدة أرغفة من خبز الصاج بعضها فوق بعض, وتقطع الأرغفة بسكين حيث يصب فوقها القطر أو يضاف الدبس القرواني والسمن العربـي, وكلمة لزاكيات من الكلمة الفصحى اللزق أي اللصق وسببه القطر (سكر يذاب بالماء ثم يغلى مع قليل من الحمض حتى ينعقد, ويصب فوق الحلويات كالهريسة واللزاكيات ), وهناك نوع من خبز الصاج يدعى مصلية حيث يوضع الصاج بالمقلوب على النار ويكون العجـين رخواً, وتضعه المرأة داخل الصاج وتمده بيدها وعندما ينضج تقلبه.
صورة رقم ( 66 ) تبين اللزاكيات ( السيالات ) وهي من الحلويات الشائعة في القريتين
هذا ويستخدم التنور كما يستخدم الصاج في أطعمة أخرى مثل العروق وسيأتـي ذكرها, وكذلك فـي صنع أقراص العيد وهـي حلويات متوارثة تصنع قبل العيد بأيام إذا لم يكن هناك مانـع ( كوفاة أحد الأقرباء ), ومواد الأقراص هي الطحين والحليب والسكر والسمن والسمسم والشمرة والحبة السوداء والمحلب بالإضافة للخميرة, وأحياناً تحشى بالعجوة وتدعى (المعمول ), وللأقراص أدوات خشبية منها المحفورة التي تعطي القرص زخرفة معينة ويستخدم الشوبك, وتقدم الأقراص للذين يأتون لتقديم التهاني بالعيد, الصور رقم ( 67 ) ورقم ( 68 ) ورقم (69 ) كما يستخدم التنور بعد الانتهاء من الخبز للبرمة.
الصورة رقم ( 67 ) أقراص العيد و مع الشوبك وأداة التنقيش
الصورة رقم ( 68 ) أقراص العيد المحشوة بالعجوة
الصورة رقم ( 69 ) الأدوات الخشبية التي تستخدم لزخرفة أقراص العيد
وعملية صنع التنور تـختص به نساء كن يقمـن بذلك, أشهرهن آمنة التدمري المشهورة بأم علي الخالد, ويصنع من طينة خاصة لزجة, ويخلط هذا الطين بخيوط القنب أو الخيش أو شعر الإنسان, كي يتماسك الطين ولا يتشقق, و يتم صنعه على مراحل حيث يُبنى قسم منه, ثم يؤتى بقسم آخر, ويتم فتله كالحبل, ويضاف للقسم السابق وهكذا, حتى ينتهي التنور, وتدعى هذه الأقسام الفتائل, الصــــــــور أرقام ( 70 ) و( 71 ) و ( 72 ) و ( 73 ) والتي تبين مراحل صنع التنور, ثم يدلك وجهه الداخلي بحجارة ملساء للتخلص من التموجات فيه.
الصورة رقم ( 70 ) المرحلة الأولى في صنع التنور بعد عجن الطين
الصورة رقم ( 71 ) المرحلة الثانية في صنع التنور
الصورة رقم ( 72 ) التنور في مرحلته الأخيرة
الصورة رقم ( 73 ) التنور وقد اكتمل صنعه
وطينة التنور من بيئة القريتين, ويوضع التنور بشكل مائل, ويبنى حوله اللبن على جانبيه, ويحاط التنور بالتراب, ويرش بالماء, ثم يتم تطيينه بطينة مخلوطة بالتبن والقش, ويجعل للتنور جانبان حيث توضع أقراص العجين على جانب, والأرغفة الناضجة على جانب آخر وللتنور عصا لتحريك الجمر تدعى محراك التنور.
وقرب التنور نجد الموقدة تجاوره كما يجاور الرضيع أمه, والموقدة موضع النار, وهي من اللبن والطين, والوقود غالباً حطب من العيدان والخشب أومن الجلة ( بعر وروث الحيوانات ).
صورة ( 74 ) تبين التنور والعصا التي تدعى المحراك
سادساً: الأكلات الشعبية:
هي أكلات تقليدية معظمها شائع في ريفنا السوري بطريقة أو بأخرى, فمن الأكلات القديمة ما هو مخصص للعائلة فقط, ومنها ما هو للمناسبات والولائم في الأفراح والأتراح.
أ ـ الأكلات المخصصة للعائلة:
- الكبة: بأنواعها المقلية والمشوية والكبة بالصينية والكبة اللبنية والكبة بالحامض, والأخيرتان أصغر حجما من الكبة المقلية أو المشوية, والكبة بحامض تكون بمرقة دبس البندورة, وقد تصنع الكبة على شــــــــــــــــــكل أقراص, والكبة بكل أنواعها تصنع من البرغل واللحم الناعــــم, حيث بعد دق الهبرة ( اللحم ) في الجرن الحجري بالميجنة يتم لكها ( دلكها ) بالأيدي مع البرغل الناعم المنقوع بالماء, ثم تصنع الكبة والأقراص, وتحشى باللحم الناعم والبصل والجوز الصورة رقم ( 75 ) ورقم ( 76 ) .
صورة رقم ( 75 ) الكبة المقلية والثانية كبة مقلية على شكل أقراص
صورة رقم ( 76 ) الكبة بالحامض والكبة باللبن
- العروق: كبة فيها لحم أكثر سواء في الحشوة أو المخلوط بالبرغل, لكن يتم نضجها بواسطة التنور, وتشتهر بها القريتين, وهي من الأكلات الفاخرة التي تقدم للضيف, والعروق متطاولة على سطحها آثار أصابع اليد, وعندما تخرج من التنور يبلل سطحها بالماء قليلاً, ثم تدهن بالسمن العربـي وقديماً كان لحم الغزال مفضلاً لها, ثم أخذ الأهالي يتحينون وجود لحم الإبل لصنعها.
- البرمة: أكلة مشهورة في تدمر أيضاً, الصورة رقم ( 77 ), وهي من حنطة مقشورة أو التي دقت في جرن حجري, وقديماً لا يخلو بيت من هذا الجرن, ويرش القمح بالماء, وتوضع الحنطة بعد دقها في قلة فخارية مع قطع اللحم وبعض السمن العربي والبهارات, وتغطى القلة, وتوضع بالتنور بعد الانتهاء من عملية الخبز وتبقى ساعات وأحياناً طيلة الليل, ويتم إغلاق التنور بصاج حيث تنضج البرمة على الجمر تماماً, وحالياً تصنع البرمة بالطناجر البخارية, وهي في مذاقها تشبه برمة التنور.
صورة رقم ( 77 ) أكلة البرمة مغطاة باللحمة والمكسرات
- الخشكار: من البرغل الناعم المطحون وتصنع على شكل الكبة لكن لا تحشى باللحم بل تحشى بالبطاطا والبصل المخلوطين والمطبوخين الصورة رقم ( 78 ).
الصورة رقم ( 78) الخشكار
- المحاشي: سواء محشي الباذنجان أو الكوسا باللبن أو دبس البندورة وبشكل قليل محشي الجزر, كما هناك شيخ المحشي حيث الحشوة اللحم والبصل فقط كما في الصورتين رقم ( 79 ) ورقم ( 80 ) .
الصورة رقم ( 79 ) محشي كوسا والباذنجان بدبس البندورة
الصورة رقم ( 80 ) شيخ المحشي كوسا باللبن
- المجدرة: مادتها البرغل والعدس البني اللون وعلى وجهها البصل المقلي وهي معروفة, الصورة رقم ( 81 ) وغالباً تؤكل ومعها اللبن والسلطة والمخلل والبصل ويقال في المثل في مدح هذه الأكلة الشعبية ( مجدرة أكلة مقدرة ) .
الصورة رقم ( 81 ) مجدرة برغل وعلى وجهها البصل المقلي بزيت الزيتون
- الكشك: كلمة فارسية بفتح الكاف الأولى, والعامة تكسرها, والكشك في القريتين له طعمته الخاصة, وهو من اللبن الخاثر, وسنتحدث عن صناعته فيما بعد, والكشك إما مع الفتة أو من دونها الصورة رقم ( 82 ) .
صورة رقم ( 82 ) صحنان من الكشك وعلى الوجه اللحمة والبصل
- الكشك محبش: أكلة قوامها الكشك الذي يضم الحمص المطبوخ والملفوف, وهي أكلة قديمة.
- المكمورة (رصاص عزرائيل): تعتمد على البرغل الناعم المطحون مع قليل من الطحين حتى يتماسك ثم تصنع منه كرات صغيرة, ويوضع مع الحمص والعدس وأحياناً مع قطع البطاطا, ويطبخ الجميع بمرقة دبس البندورة, الصورة رقم ( 83 ) .
صورة رقم ( 83 ) صحن فيه المكمورة ( رصاص عزرائيل )
- الشيش برك (آذان الشايب): ربما تكون هذه من الأكلات التركية, وهي تصنع من العجين على شكل آذان الإنسان, وفي داخلها اللحم والبصل وتطبخ مع الرز واللبن أو الأقط (من اللبن المخيض, يطبخ ثم يترك حتى يمصل ويجفف حتى يتحجر ), ويسميها الكثير بشوش برك, الصورة رقم ( 84 ) والصورة رقم ( 85 ) وهناك قرص رقاقة حيث العجين يرقّ ويقطع دون أن يحشى بأي شيء, وهناك من يسميها بالرشداية.
صورة رقم ( 84 ) عملية صنع الشيش برك
صورة رقم ( 85 ) الشيش برك باللبن مطبوخ معه الرز
- المرقة الحلوة: تتكون من اللحم ولاسيما لحم الدجاج (الديوك), حيث يتم وضعه فوق الحمص المطبوخ مع البصل ومرقته ثم البطاطا, ويتم تقديم هذه الأكلة مع طبيخ البرغل غالباً .
- الفطائر: الصورة رقم ( 86 ) هي من العجين وبداخلها سلق أو سبانخ مطبوخ مع البصل أو أم أحمد, وأم أحمد هي نبتة تنبت في حقول القريتين في الربيع, وتقوم النساء بجنيها, وهي ألذّ من السلق والسبانخ, وتقدم مع الفطائر, وتصنع معها أقراص المحمرة أو الصفيحة باللحم أو بالزعتر .
صورة رقم ( 86 ) لفطائر السلق والسبانخ وأم أحمد
- اليبرق: هي أكلة تشتهر بها القريتين, وهي تصنع من ورق العنب ومن ورق الملفوف حيث يتم لف ورق الدوالي وبداخله الرز واللحم الناعم الصورة رقم ( 78 ) .
صورة رقم ( 87 ) للف ورق اليبرق وصحن يبرق من ورق العنب
- السختورة ( الكرشـة ): وهي من أمعاء الماعز أو الغنم تغسل وتنظف جيداً, ثم تحشى بالبرغل أو الرز واللحم وتخيط وتطبخ معها رأس الذبيحة والكراعين ( أرجل الذبيحة ) الصورة رقم ( 88 ) وكان في القريتين رجل أشتهر بطبخها وبيعها يدعى سعدون, وقيل عنه ( سعدون أبو الكراش ) رحمه الله , وحتى الحارة سميت باسمه بسبب شهرته ببيع الكراش .
صورة رقم ( 88 ) لأكلة السختورة
- طبيخ رخو: يغلى الماء على الحمص والعدس حتى ينضجا ثم يوضع البرغل والسلق وأحياناً البطاطا.
- محروق إصبعو: يقلى البصل بالزيت مع اللـّية, ويوضع الخبز فيه بعد فتِّه, وهذه الأكلة مرغوبة من قبل العجائز.
- المغطط: هو خبز تنور ساخن ( بعد خروجه من التنور مباشرة ) يتم غطه بماء فاتر فيه زيت زيتون وثوم وملح.
- الكمأة ( الفقع عند البدو ) والفطر: في سنوات الخير تصبح الكمأة والفطر من الأكلات المفضلة عند أبناء القريتين والكمأة تؤكل مسلوقة ومشوية ومقلية وحدها أو مع غيرها, وقد تنوب عن اللحم في بعض الأكلات, أما الفطر فغالباً يقلى مع البصل أو مع البيض .
- الدبابة: تسميتها غريبة, وهي تتألف من بطاطا مسلوقة ومدقوقة ( ناعمة ) وتخلط مع البقدونس والبصل المقلي والبرغل الناعم الصورة رقم ( 89 ).
صورة رقم ( 89 ) لأكلة الدبابة كما تصنع في القريتين
ب - طعام المناسبات:
سواء قُدّم هذا الطعام في الأفراح أو الأتراح فهو المنسف ولاشيء سواه, فهو في الأفراح يدعى وليمة الكرمة, بينما في الأتراح يسمى طعام الختمية, وطريقة إعداده هي أن تذبح الذبائح سواء من الغنم أو الماعز والأفضل الكباش أو لحم القاعود, وتقطع كل ذبيحة إلى قطع , ويوضع اللحم فـي طنجرة كبيرة أو دست أو عدة طناجر بحسب عدد الذبائح, ويسلق اللحم جيداً, ثم يتم نشله من مرقته, وتقسم إلـى قسمين حيث يطبخ البرغل بقسم من المرقة, وحالياً المناسف نوعان برغل ورز, وعندما ينضج البرغل يصب في مناسف كبيرة ومتعددة حسـب عـدد المدعويين, ويكون الطبيخ في المنسف على شكل كومة مع ترك مسافة بسيطة بين حواف المنسف والطبيخ, أما القسم الثاني من المرقة واللحم فيطبخ مع اللبن الرائب (الخاثر) أو الأقط والسمن العربي ويعمل منه الشاكرية (المليحية), وبعد صب الطبيخ في المناسف توضع قطع اللحم فوقه بحيث يغطى المنسف به, وفي أعلى المنسف يوضع رأس الذبيحة مفتوحة الفم وفيه عود نعنع, وتكون قطعة اللحم بحجم قبضة اليد وأحياناً أكبر بكثير, الصورة رقم ( 90 ) .
الصورة رقم ( 90 ) المنسف القرواني وقد صبت عليه الشاكرية
ثم تخرج المناسف يحملها ذوو الداعي للوليمة ويقوم رجل بتوزيعها بشكل منتظم, بين المنسف والآخر متران تقريباً, وكلما كان عدد المناسف أكبر دلَّ على كرم صاحب الدعوة, ويقوم البعض بصب الشاكرية فوق اللحم والطبيخ حتى يتبللا بها, وقد توضع اللحمة إلـى جانب الكبة وهي ذات حجم كبير قدر قبضة اليد, وبعد تجهيز المناسف ووضع الخبز والملاعق, يقف صاحب الدعوة ويقول: (تفضلوا كل حيّ باسمه) وإذا كان هناك رجل غريب (ضيف) أو متبيّـن فيبدأ به أولاً حيث يقول صاحب الدعوة : تفضل يا أبا فلان, وإن كان الضيوف جماعة فيشير إليهم قائلاً:
تفضلوا يا جماعة أهلاً وسهلاً بكم, وقد يسمي بعض الأسماء بادئاً بالشيوخ والوجهاء, ويقوم الأهالي بتوجيب الغرباء وحثّهـم على القيام لتناول الطعام, ويقوم البعض بتناوله بيده اليمنى حيث لا يجوز تناول الطعام إلا باليمين, فاللحم يتم تناوله بثلاثة أصابع فقط هـي السبابة والوسطى والإبهام, أما الطبيخ فيتم تناوله بقبضة الكف حيث يضغط عليه بأصابع اليد كي يتماسك, وتسمى كل قبضة دربية وجمعها (درابي ), ثم تؤكل وقد يقوم أحد كبار السن أو من ذوي صاحب الدعوة بتقطيع اللحم والأخذ من لحم الرأس وتوزيعه على الآخرين ولاسيما الضيوف الذين يجلسون معه على المنسف, وقد يتبادل الجالسون حول المنسف عبارات المجاملة والترحيب, وإذا شبع أحد المدعوين وتأخر أو كف عن الطعام يقول صاحب الدعوة: (خصمه الله اللي بِقوم جوعان- لا تجفّلوا بعضكو, ترى الأكل على قدر المحبة ), فيقول المدعوون: (خير الله كثير, الله يديمها من نعمة, بارك الله بكم, عســـــــــاها دايمة إن شاء الله ), فيقول صاحب الدعوة (صحتين وعافية), ولا يجوز قيام الأهالي عن المناسف قبل أن يفرغ الضيوف من الطعام, ثم تغسل الأيدي, ويتم تناول الفواكه مثل العنب والتفاح والموز أو بعض الحلويات كالفطاير مثلاً, ثم يعودون للجلوس فـي أماكنهم السابقة, وتصب لهم القهوة المرة ثم الشاي, وقد كانت المناسف توضع على الأرض, أما حالياً فالبعض يضعها على طاولات وحولها كراسي, وهي طريقة وافدة إلينـا من المدن المجاورة, هذا بالنسبة لولائم الأفراح, أما طعام المآتم فلا يختلف من حيث طريقة طبخه نهائياً عما ذكرنا قبل قليل, ولابد من ذكر عفة وحياء ابن القريتين في الولائم وهذا ما تسمعه كثيراً من الآباء والأجداد عند مقارنة القريتين بمناطق أخرى.