الثلاثاء، 8 ديسمبر 2020

الشعر و الشعراء

الشعر الفصيح

قيل: ( الناسُ ثلاثةُ أجناس, جنسٌ تحتَ الأرضِ, وجنسٌ فوقَ الأرضِ, وجنسٌ بينَ السماءِ والأرضِ, فالأولُ مَنْ لا يقرأ الشعرَ, والثانـي مَن يقرأه, والثالث مَن يقوله ), كما قيل : (الشعرُ ديوانُ العربِ ), ومن أشهر الشعراء في القريتين الذين توفاهم الله تعالى الشاعران توفيق سليمان جبور (1) وفارس الفياض وخوفاً على شعرهم من الضياع, وكون هذه القصائد لها مناسباتها فاستميح القارئ عذراً لوضعها فقط في هذا الكتاب, فكتابتها تعطي صورة عن قدم الحركة الأدبية في القريتين, وتدل على وجود شعراء كتبوا بالفصحى في وقت عمّ فيه الجهل.

1ً– الشاعر توفيق سليمان جبّور: من أشهر وأهم الشعراء في القريتين , ولد عام 1898 م , وهو أخ الدكتور جبرائـيل سليمان جبّور المدرِّس في الجامعة الأمريكية في بيروت, وصاحب مجموعة من الكتب منها ( البدو والبادية ) و ( من أيام العمر ), ووالد الدكتور الطبيب المشهور منير, له قصائد كثيرة, متعددة الأغراض, مبعثرة هنا وهناك, زار الكثير من دول العالم (2), اهتم بالتعليم, وقام بتدريس اللغة الفرنسية, له من الأولاد الذكور ثلاثة منير وسمير ومنذر ومن البنات منيرة وهدى توفي عام 1987م, ومن قصائده التي اشتهر بها تلك القصائد التي ألقاها في حفلات تأبين الشهداء في القريتين.

  1 ـ من أجمل القصائد التي نظمها الشاعر توفيق جبور هذه القصيدة, وذلك عندما رأى التحلل الخلقي بدأ يسري في مجتمعنا العربي  ولاسيما بين الشباب, فقد انتشرت موضة غريبة عن مجتمعنا العربـي في السبعينيات من القرن الماضي ألا وهـي موضة الخنافس (3),والقصيدة من (65 ) بيتاً وهي بعنوان ( ما أسرع الويل في التصدير والنشر ).وسأختار منها هذه الأبيات :

{{ ما أسرع الويلَ في الـتّصديرِ والـنّشرِ  }}

يا سائراً بالتُّقى في عالَمِ الشّرِّ


واظبْ على السّـيرِ عن جنبـيكَ ما يُـغري

وانعمْ بتقواكَ في دنيا  تُباغتُها


شتّى العواملِ منْ حلوٍ ومنْ مرِّ

واصمدْ تجاه العوادي حين وطأتِها


فهيبةُ الحزمِ تقصي محنةَ الدهرِ

وَجَمِّلِ النّفسَ  بالأخلاقِ تربحُها


واكسبْ غنى الخُلقِ كمْ يُغني عن التّبرِ

مَنْ يبنِ بيتاً فوقَ الرّملِ عرَّضَهُ


للهدمِ فوراً فشِدْ بيتاً على الصّخرِ

فالمرءُ يسمو بما أُوتيهِ مِنْ خُلُقٍ


لا في العوالي ولا في الشعر والنّثرِ

عصرٌ تدنَتْ بهِ الأخلاقُ وانتشرَتْ


فوضى الحياةِ ففيكَ الهولُ يا عصري

كيفَ التفتّ ترى الأشراكَ قائمةً


ترميكَ بالشّركِ والإلحادِ والكفْرِ

والنّاسُ مِنْ حولِنا غرقى بمحنتهِم


والأهلُ حيرى تجاه الكرِّ والفرِّ

بئسَ الزّمانُ الذي  أدَّتْ مساوئهُ


إلى الحضيضِ لقاعِ الذُّلِّ للقعرِ

هـذا يُعانقُ بِنْتاً أو يغازلُها


وذاكَ ينْعَمُ بالحاناتِ بالسُّكرِ

ويتـابع الشـاعر فـي قصيـدته قائــلاً :

أيّانَ سِرنا نَرَ الأزياءَ مخجلةً


عُريٌ توصّلَ للفخذينِ والصَّدرِ

ناهيكَ عمّا ترى مِنْ عورةٍ ظهرَتْ


أعضاءُ عاريةٍ في زيّها المزري

وَ في الشّوارعِ  أشباحٌ مبعثرةٌ


يَـمشون في اللّيلِ أزواجاً ومَنْ يدري؟

تلقى المقاصفَ بالأحداثِ مائجةً


في الـجنسِ في الرّجسِ حتى مطلعِ الفجـرِ

وللخنافسِ فتيانٌ  أَلَمّوا  بها


شعرٌ تدلّى على الخدَّينِ والظّهرِ

بناتُنا يستسغنَ الْبذخَ في ترفٍ


يطْلُبنَ حرّيّةً تخلو منَ الأسْرِ

وضعنَ في الجفنِ فوق العَيْنِ مصيدةً


يصِدنَ منها قلوبَ النّاسِ في غدرِ

والكحلُ في العـينِ أشكالٌ منسقةٌ


وزادَ في الرُّزءِ رُزءاً حُمرةُ الظّفرِ

ناهيكَ عن صبغةٍ تبدو محاسنُها


تلوحُ بالوجهِ والجفنينِ والشّـعرِ

ثـم يتــابعُ الشــاعر في قصيدته الجميلة قـائـلاً :

وأصبحَ الشخصُ ممسوخاً بهامتِهِ


مـا بينَ خُـنثى وأنثى ضـعتُ في غـمرِ

يا قومُ لا تعبثوا في رسمِ خالقِها


فزينةُ المرءِ بالأخلاقِ والطّهرِ

كم منْ فتاةٍ نحَتْ في التيهِ ناحيةً


توغَّلت في مهاوي الـذُّلِّ والْعَهرِ

كمْ مِنْ فــتاةٍ أضاعَتْ عمـرَهـا كـمداً


زُفَّتْ خفاءً بلا عُرسٍ ولا مَهْرِ

وكمْ هناكَ فتىً أفنى حداثَتَهُ


سُوسُ الميوعةِ يا للهولِ من نخرِ

حالٌ إذا دامَ  فالويلاتُ تتبعُـهُ


وإن صبرنا فكلُّ الويلِ في الصّبرِ

عارٌ علينا بعصرِ العلمِ نقبلُهُ


والعلمُ والدِّينُ في نوريهما نجري

بئسَ التمدّنُ إنْ أُودى بعفَّتِنا


وعاشَ أبناؤنا فوضى بلا حظرِ

للهِ حقٌّ علينا في تصرُّفِنا


يزيدُنا واحةً في باحةِ العمرِ

يعيشُ أبناؤنا فـي بيئةٍ  فَسُدَتْ


نحو التّفككِ والفوضى بلا عُذرِ

و استعبدَتْهُمْ  تقاليدٌ مزيَّفةٌ


فأوغلوا في دياجي الزّيفِ والمكرِ

وموجةُ الفسقِ لا تنفكُّ كاسحةً


أوساطَ  بيئتِنا في الكوخِ والقصرِ

عدوى أصـابَتْ بني الإنسـانِ واكتسحَتْ


أرقى العوائلِ مِنْ قُطرٍ إلى قطرِ

وها هو الدّاءُ في الأجيالِ منتشرٌ


ما أسرعَ الويلَ في التّصديرِ والنّشرِ

وأصبحَ الأهلُ حيرى لا يوافقهمْ


عقُّ البنين ولا التّلويحُ بالزّجرِ

فما زرعنا بأيدينا  سنحصدُهُ


وموسمُ الجني يأتينا منَ البذرِ

ويخـتم الشـاعر هـذه القصـيدة الجميلة بهذه الأبيـات :

أولادُنا فلذةُ الأكبادِ إن جنحوا


يثيرُ قلبي لهيبُ الحُزنِ كالجمرِ

وإن أطاعوا وعادوا بعد معصيةٍ


تطولُ أعمارُهم والوعدُ في وِصرِ

وإن تمادوا بفوضاهم  فلا عجباً


إن همْ تلاشوا بلا رسمٍ ولا ذكرِ

فارحمْ إلهي فـتىً  قد قضَّ مضجعَهُ


وخزُ الضّميرِ وأضحى متعبَ الفكرِ

وارحمْ فتاةً لها من عُريها خجلٌ


تعودُ فـي توبةِ الخاطي إلى البرِّ

فاللهُ يعفو ويمحو كلَّ سيئةٍ


ويطرحُ الإثمَ في الأعماقِ في البحرِ

فاقبل إلهي صلاةَ الحمدِ أرفقُها



واقـبلْ دعـائي وعالِجْ بالرِّضى أمري


جبور 1


صورة رقم ( 2 ) مطلع قصيدة ( ما أسرع الويل في التصدير والنشر ) بخط الشاعر

2 - قبل أن ينـتهي الجامع الكبير ( الفردوس ) في القريتين مـن إعادة بنائـه, طُلِبَ من الشاعر توفيق أبـي منـير نظـم بعض الأبيات لكتابتها فوق الباب الرئيسي للجامع, فقام الشاعر بنظم ثلاثة أبيات تخلـيداً لهـذه الـذكرى الغالية, ومَـن يطـَّلِع على المسودة التي تمّ نظم الأبيات عليها, يشعر بعمق تفكيره وبالجهد الذي بذله شاعرنا الكبير في انتقاء كلماته, ولاسيما في البيت الأخير المسمى ببيت التاريخ, حيث كتب عدة جمل لتكون عجزاً لـه, ولتكون بحساب الجمّل تاريخ انتهاء البناء, وهذا ما تـمّ له في نهاية الأمـر, وهـو الموجود على الباب الرئيسي لجامع الفردوس ( نقلناها كما وردت بالرغم من وجود خطأٍ عروضي في الشطر الأول من البيت الثاني ) حيث كتب الشاعر أبو منــير:

ذا مَسْـجِدٌ لِلّهِ مَـوْلانـَا الصَّــمَدْ


قَـدْ شَـادَهُ الأَبـْرارُ مِنْ هَذا الْبـَلَدْ

جَـامِعُ الْفِرْدَوسْ نِـبْراسُ الْهُــدى


يَا سعـدُ مَـنْ صَـلَّى بِهِ, أَوْ مَنْ سَـجَدْ

لـَمَّا اعْـتَلَى بَـيـْنَ الْـمَلا  أَرَّخْـتُـهُ


( ذَا مَسْجِدٌ رُكْـنٌ حَـرَامٌ لـِلأَبـَدْ)

701  +  107  +  207   +  249   +   67  = 1394 هـجـريّة  ( 4 )

3 – وصل الشاعر توفيق جبور الولايات المتحدة الأمريكية, ومكث عند ولده الدكتور منير مدة من الوقت, ولم يكن الشعر ولا الوطن الحبيب غائباً عنه, فهناك كتب بعض القصائد منها قصيدة بعنوان ( يوم بأمريكا ) وهـي قصيدة تحتوي (61) بيتاً تحدث فيها عن النساء ( فضلهن وأخطائهن ) وكتب قصيدة ثانية رائعة بعنوان ( سورية ) حيث بثّ فيها حبّه وحنـينه إليها, ويحتار المرء من أي روضة من رياض هذا الشاعر الكبير يقطف باقة ورد, ولذا آثرت أن  تكون هذه الباقة العطرة من قصيدته المؤثرة ( سورية ) فهي أُمُّـنا وروضتُنا الكبيرة جميعاً, وقلوبنا لا تحتمل البعد عنها, والقصيدة من ( 26 ) بيتاً أرسلها من هناك للمدرس الراحل منير عطا الله, نـختار منها هذه الأبيات : 

وحيدةَ الحُبِّ هَلْ سادَ الْهوى مَلَلُ


أمْ هَـلْ يـدومُ الـهـوى والحُبُّ والأَمَلُ

سلكُ المحبَةِ بِالقلْبين مُرْتَبِطٌ


والْقلبُ لِلْقَلْبِ بالأسلاكِ مُتَّصِلُ

أَنْتِ الوحيدةُ بالدُّنيـا مَحَبَّتُها


نارٌ تـأَجَّجَ فـي قلْبي وَيَشْتَعِلُ

لاشيءَ يبعدُني عنْكِ وينسيني


مازالَ حُبّيَ  في الأحشاءِ  يمتَثِلُ

جـمالُكِ السّحْـرُ يُسْبي الْعَقلَ مشهـدُهُ


يُزينُكِ  التِّبْرُ والدِّيباجُ والْحلَلُ

قلْ لي بِربِّكَ هلْ تصفو مرابعُنا


يوماً ويرجعُ مأسورٌ وَ مُرْتحلُ

شطَّ المزارُ وطالَ الْبعدُ يفْصِلُني


بحرٌ, وقلْبي كالأرواحِ  ينتَقِلُ

لا الْبعْدُ يقطعُ حبلَ الحُبِّ في زمنٍ


ولا الْمحبَّةُ في الْقلْبينِ تنْفَصِلُ


مهـما تَـطُلْ مدَّةُ التّرحــالِ عنْ وَطَـنٍ


لا بُدَّ أَنْ تبعثَ النّجوى وتشْتَمِلُ

إنْ يفـتُرِ الْحُـبُّ تنسَ الدّارُ صاحِـبَها


ويَعتري السّـقمُ والإرهــاقُ والشَّـللُ

سوريَّةٌ, كلّلَتْ رأسي زنابقُها


حيـثُ الأمـاني وحيـثُ الجِـدُّ والعملُ

أهوى بِها طلْعَةَ الأمجادِ مفخرةً


قد كانَ منــها سبيلُ الفـخرِ والوشـَلُ

يا وحـدةَ الْعُـربِ دومي تحتَ رايـتِـها


هلالُها الخصبُ بالتوحيدِ يعـتدِلُ

سوريَّةٌ, أَنْعَمَتْ بالْعطفِ مَكْرُمَـةً


يطـيبُ فيـها الْهـوى والوصْـلُ والْقُبَلُ

سوريَّةٌ, توّجَتْ بالْفَخرِ هامتَها


في أثْمُدِ السّعدِ للعشاقِ تكتحلُ

للحُبِّ قاضٍ, وفي ميزانِـهِ لَهَبٌ


في كفتيهِ يذوبُ اللَّـوْمُ والْعَذلُ

لا رحمةً تُرتَجى بالحُبِّ إنْ عَصَفَتْ


أريـاحُ قلـبِكَ أوْ ضـاقَتْ بِكَ الْحِيَلُ

مجنونُ ليلى لهُ في الحُبِّ ملحمةٌ


أمّا جَميلٌ  فَبالْعُذْريِّ يغتسلُ

للّهِ دَرّهُ مِنْ يومٍ يعودُ بِنا


فالاغترابُ لهُ عنْ موطنٍ أجلُ

شَملٌ تشتَّتَ والأقدارُ  تجْمَعُهُ


يا فــرحةَ العيدِ عـمرٌ شهرُهُ عَـسَلُ

لا بُدَّ منْ طائرٍ للدّارِ يحملُنا


حيثُ الأماني وحيثُ الأُنسُ والغزَلُ

يا طـائرَ السّعـدِ عُدْ بـي بعدَ مرحــلةٍ


ما عادَ قلبيَ بعدَ اليومِ يحْتَمِلُ

 

03

صورة رقم ( 3 ) مطلع وخاتمة قصيدة (سورية ) بخط وتوقيع الشاعر

 4- عندما انتقل صديقه ياسين السماعيل ( الشلحة ) إلى رحمة الله تعالى وكان معروفاً بشجاعته وحبه للأدب وكان مرجعاً للعتابا, طلب الشاعر أبو منير من ذوي المرحوم أن يكتبوا على قبره هذين البيتين فكان ما أراد :        

لا يرسمُ الموتُ  إذا عـزّ  لعزتِهِم


ولا الذي كانَ منهُ الرّشـدُ  يُقتبسُ

قد كان قصرُكَ معـموراً له شرفٌ


فقبرُكَ اليومَ فـي الأجداثِ مُندرسُ

5 - وهذه الأبيات الجميلة من قصيدة بعنوان ( فعمركَ فـي طـيِّ الزّمـانِ مُقَـنّـنُ ) ( 5 )

هُمـُومٌ  عَلـى قلـبي تـثورُ وَ  تكْمنُ


وتُـنْذِرُ  منْ سوءِ السّـبيلِ و تُعْلِـنُ

خطـايا عِظـامٌ عـبؤُها هــدَّ كاهلـي


لِهـذا فـإنـّي خـائرُ العزمِ مـوهنُ

أسـائلُ ربّـي يـومَ تـزدادُ مِـحنـتي


أتسـمـحُ ربّـي بِـالهـلاكِ وَتـــأذنُ

فمنْ لـي سِوى ربّـي يـزيلُ غمامَــها


وَ ينــظرُ فـي أمـرِ الغداةِ, وَيُحْسِـنُ

فيصـفحُ عنْ ذنْـبـي و يغــفِرُ زَلَّتي


وَيــبْعثُ فـي قلـبي سـلاماً يُطَمْـئنُ

إلى اللهِ نــأتـي فـي الشّـدائدِ والرّدى


فنــلقـاهُ معـواناً, وعنْـدهُ نســكنُ

أسوقـها منْ قلبـي ( أُخيَّ ) نصيــحةً


لِـتبـقى معَ المولـى, وقــلبُكَ مؤمِـنُ

وتحيـى حيـاةَ الـبِّرِّ فـي كلِّ ســانِحٍ


فَعُمْـرُكَ فـي طـَيِّ الزَّمـانِ مُقَــنَّـنُ

وشـدِّد صِـلاتٍ فـي صـلاةٍ تقيـمُها


شـكوراً فنــعمى اللهِ بالشّـكرِ تخـزنُ

لـي اللهُ حــرزاً يـومَ تــأتـي بلـيّةٌ


وفـي كَـنَـفِ الْمولى أمــانٌ ومـأمنُ

فلا خــوفَ بعدَ الـيومِ  إنْ كُنْتَ مـؤمناً


ولا قلبـُكَ الـمُضْنـى يضـامُ ويحـزن

5ً –  وأخـيراً أودُّ أن أخـتم هذه الرحلة الممتعة مع الشاعر الكبير ( أبـي منـير ) بـهذه الأبيات الجميلة وفيها اختار أبياتاً جميلة جداً للإمام الشافعي وهو الذي يحسن الشعر ويتذوقه, فقام بتشطيرها فما تمّ وضعه بين قوسين من نظم شاعرنا ( 6 ).

إذا شــــــــــئْتَ أنْ تحيا ســــــليماً مِنَ الأذى

( وَشــــــــخصُكَ مرفــوعُ الجبــــينِ مهيمنُ

ونجْـمُـكَ وضّــــــــــــاءٌ وليــلـُــكَ مقْــمِــرُ )

وحظّــــــــــكَ موفــورٌ وعِـرْضـُــــكَ صَـيِّنُ

لِســـــــــــــــــانَكَ لا تَذْكرْ بهِ عـــورةَ امرئٍ

(  فَسِـــــــــــــرُّ بــــلاءِ الناسِ تحتَـهُ يكمُـــنُ

ولا تثـــــلمنَّ الناسَ فــــي ذكرِ عـــــــورةٍ )

فَكُـلُّـــكَ عَــــوْرَاتٌ وَلِلنَّـــــــاسِ أَلْسُـــــــــنُ

وَعَيْـــنُـــــــكَ إنْ أَبْـــــــدَت إِليْــكَ مَعايــــبـاً

( وراقَـــــتْ لها الدّنيـــا وَغــــرَّها ماجِـــــنُ

وحرّكتِ الأهــــواءَ فيــــــها غـرورُهـــــا )

فَصَنْها وَقـُــلْ يـــــــا عَيــــــنُ لِلناسِ أَعيُــنُ

وعاشِــــرْ بِمَعْروفٍ وَســـــــامِحْ مَنِ اعتَدى

( فللصــفحِ آفـــــــاقٌ تـــروقُ وتحسِــــــــنُ

وإن جــارَ جــارُ الســـــــوءِ يومــاً فَخــلّـه )

وِفــارِقْ ولـكـن بالـتــي هــيَ أَحْسَـــــــــــنُ















ملحق الشاعر توفيق سليمان جبور :


- شاعر وذكرى : 

في ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد الفقيد الطيار عبد الله بن مصطفى الكناوي وذلك في 4 أيار 1972م, كُلّف الأستاذ الشاعر توفيق سليمان جبور بأن يكون عريفاً للحفل في القريتين, ومنظّماً له وكان كلما قدّم كلمة يقدمها بأبيات من شعره الجميل والمناسب وقد قام بتنظيم الحفل على الشكل التالي :   

 1-    معزوفة الشهداء.

2-     تلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم.

3 -   قبل أن يقدم كلمة القوى الجوية قال الشاعر أبو منير :

هاضَ الجناحُ و أُعطِبَ التّيارُ


وغشى السفينةَ بعدَ ذاكَ النّارُ

أكلَتْ أعاصيرُ اللهيبِ حطامَها


و قضى بحمأةِ نارِها الطّيارُ

يا قومُ لا تبكوا الشهيدَ فنزلُهُ


كنفٌ لهُ منْ ربِّه وجوارُ

فاهنأ بجنّاتِ النعيمِ وحيثما


إكليلُ فوزٍ نلتَهُ وشعارُ

كُتِبَتْ عليْهِ  آيةٌ علويةٌ


- هذا طوته للعُلى – الأقدارُ

4-  قبل تقديم كلمة الحزب ويومها كان له كلمته ( علماً أن الشاعر لم يكن منتسباً لأي حزب ) , قال الشاعر أبو منير : 

كيفَ أنسى والبعثُ كلُّ الرجاءِ


ومعيني في محنتي وشقائي

يُبْعَثُ البعثُ في المعاركِ حيّاً


فهوَ للمجدِ للعلى للسّناءِ

عاركَتْهُ الأيامُ واحتلَّ فيها


سدةَ النجمِ رفعةَ الجوزاءِ

فهوَ للعُرْبِ قائدٌ مذ تولّى


ودليلٌ يمشي بهمْ  للبقاءِ

وزعيمٌ للعُرْبِ شرقاً وغرباً


وَ وَسيطٌ بينَ الثّرى والسّماءِ

حزبُنا البعثُ ليسَ عنهُ بديلٌ


و سنبقى في دعمِهِ والوفاءِ

لشهيدِ الأوطانِ في البعثِ بعثٌ


فهوَ نورُ الأجيالِ كبشُ الفِداءِ

نرفعُ الفخرَ للشهيدِ احتراماً


ولبعثِ الأوطانِ كلُّ الثّنـاءِ

5 - وعندما قدم كلمة رفاق الشهيد قال هذه الأبيات :

يا رفاقَ الشهيدِ رفقاً بِحالي


فصروفُ الأيامِ رهنُ الوبالِ

كلما جئتُ أشتكي جورَ أمسي


جاءَني اليوم في سوادِ الليالي

فتأنّوا وارثوا الفقيدَ بنظمٍ


لا تضنّوا بالمدحِ في كلِّ حالِ

أنتمُ الآنَ أعلمُ النّاسِ فيهِ


فدعونا نعيدُ ذِكرَ الخِصالِ

يا فداءَ الأوطانِ مُتَّ شهيداً


يا شهيدَ الأوطانِ فالدمعُ غالي

حسْبُكَ اللهُ في السّماءِ مضيفاً


حظُّكَ الخلدُ سُجّلتْ في الأعالي

لكَ منّا  في الأربعينَ سلاماً


خذهُ منّا في سلمِنا والنضالِ

    6- وقدم أحد الشعراء ليلقي قصيدة في رثاء الشهيد فقال أبو منير :

أنا شاعرٌ بفداحةِ الخطبِ الجللْ


مهما نظمتُ لشرحِهِ يلقى الفشلْ

لكنْ علينا واجبٌ جئنا لهُ


لنعيدَ للأذهانِ وصفاً واكتملْ

فمقالُنا وصفٌ لأنبلِ غايةٍ


ذكرى نخلدُها لذيّاكَ البطلْ

يا ليتَ شعري هل نفيهِ حقَّهُ


بالنّثرِ أو بالنّظمِ أو صيغِ الجملْ

شِدْنا لَهُ فوْقَ الثُّريّا موطِناً


و أقمْنا تمثالاً لهُ فوقَ الجبلْ

7-  وعندما جاء دور كلمة شباب القريتين قدمها بأبيات منه : 

هزَّتْ لبلوانا حنايا أضلعي


وغــدوتُ من عبءِ المصيبةِ لا أعي

فصرختُ منْ هولِ الأسى يا لوعتي


والرّجعُ أُرجعَ بالأسى وتوجّعِ

و بكَتْ ثكالى الحيِّ أولاداً لها


ونواحُها ما زالَ يطرقُ مسمعي

ذكـرى شهــيدٍ قدْ نـأى عن أهـلِهِ


لكنّهُ في روحِهِ يَحيى مَعي

موتُ الشّهيدِ بدايةٌ لحياتِهِ


ولهُ جِنانُ اللهِ نعمى المرجعِ

لا النّدبُ يرجعُهُ إلينا سالماً


لا الدّمـعُ يـُحيي ما ذوى من مـربـعي

فالدِّينُ يوصي قائلاً لا تحزنوا


و عزاؤنا فيهِ ويمسحُ أدمُعي

و رجاؤنا بالله في يومِ الفِدى


ويهونُ عندَ الثّأرِ هولُ المصرعِ

8- وقدم شاعرنا الكبير كلمة آل الشهيد بأبيات من نظمه قال فيها :

يا آلَ عبدِ اللهِ لهفةُ شاعرٍ


تهدى أسىً وتعازياً من شاعرِ

أسفاً على نسرٍ يُحلِّقُ طائراً


وإذا بهِ يهوي بلمحةِ ناظرِ

لا بأسَ باستشهادِ كلِّ مواطنٍ


مادام يحيى في جنانٍ عاطرِ

فإليكَ عبدَ اللهِ خيرَ تحيَّةٍ


فيها أبثُّ عواطفي ومشاعري

فلأنتَ في طي القلوبِ مُكرّمٌ


ولأنتَ رمزٌ للشّبابِ الثّائرِ

فاسكنْ جِنانَ اللهِ أمناً خالِداً


ولنا مِنَ الباري ثوابُ الصّابرِ

9– و أخيراً قدم كلمة القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة بأبيات هي: 

هلْ في فـلسطــين من يهـفو لنجوانا


أو في حـمى القدسِ مَنْ يصـبو للقيانـا

يا قدسُ مهـلاً فمجــدُ العُربِ وحدتُهُ


و وحدةُ العُربِ تعـطي العُـربَ بنيانـا

لابدَّ مِنْ وَحدةٍ تأتي بغايتِنا


نُعيدُ فيها فلسطيناً وجولانا

نعودُ يوماً لبيتٍ كانَ يجمعُنا


و يجمعُ الشّملَ أعواناً وإخوانا

لا يَمَّحي العارُ إلا بعدَ معركةٍ


يخوضُها شعبُنا شيباً وشبّانا

معَ أننا في لظى الماضي وحمأتِهِ


زادتْ حزيرانُ بالتّاريخِ  بلوانا

لكننا لمْ ننمْ والثّأرُ رائدُنا


حتى نصفّيه إنجيلاً و قرآنا

لكلِ أرضٍ سليبٍ ذِكْرُ فاجعةٍ


وفي فلسطين ما أضنى وأعمانا

فكم شهيدٍ لهُ منْ أهلِهِ نسبٌ


وكم شريدٍ نأى ظلماً وعدوانا

كفارةٌ للفِدى منْ فَوْقِ مذبحِها


كفّارةُ الإثمِ قدمناهُ قُربانا

يا مهدَ عيسى ألا نجمٌ يسيّرُنا


يَهدي خُطانا ويُــهدي النّورَ إمعانــا

يا قدسَ ربّي ألا آيٌ يوجهُنا


نحوَ المحبةِ فالخلاّقُ سوَّانا

ضنّاً بقدسِكَ لا نرضى مساومةً


وفي سبيلكِ ضحينا بأغلانا

نِعْمَ الرّفاقُ الأُلى هبُّوا لِثأرِهُمُ


قاموا يخيطونَ لِلأعداءِ أكفانا

دمــاؤهمْ سجّـلَتْ فـوقَ الثّرى عِبراً


وسجّلوا في مدى التّاريخِ بُرهانا

سُقياً ليومٍ بقدسِ اللهِ يجمعُنا


رُوحُ التآخي وَ ينسينا حزيرانا

وختم عريف الحفل الشاعر أبو منير هذا الحفل بالنشيد العربي السوري, والانصراف بتعزية آل الشهيد والواقع أن هذا الحفل المهيب كان من وضع وتأليف الشاعر توفيق سليمان جبور0

   صورة رقم ( 4 ) بخط الشاعر الراحل توفيق جبور الفقرات الأولى من حفل التأبين01

20201031_053723

الصورة رقم ( 5 ) شاعر القريتين توفيق سليمان جبور أبو منير جزاه الله خير الجزاء

2ً  – فارس الفياض:  ولد فـي القريتين 1887م, درس في دمشق ثم فـي المدرسة الملكية في الآستانة, وهي أرقى معهد لتدريس العلوم السياسيـة والإدارية في الدولة العثمانية, وتمَّ اختياره بعد مسابقة قبول, تسلم عدة مناصب منها قائممقام النـبك 1922م, ومن زملائـه فارس الخوري ومحـمد كرد علي (7 ) , وقد توفي عام 1938م.

      والقصيدة التي سننشرها قالها عندما جاءه الخبر أن الأتراك قد نقلوا ذخائرهم ومعداتهم إلى منطقة القريتين وتدمر, وأن هذه المنطقة ستكون دار حرب, وكان يومها في قصبة سلمية, وهي من أعمال حماة وذلك عام 1336هـ, والقصيدة طويلة وسنكتفي بهذه الأبيات وهي تبدأ بمخاطبة سميرام ( اسم قديم للقريتين ) :

عليـكِ  يا سـميرَامُ السـلامُ


فقلـبي فيكِ صـبٌّ مُسْتـهامُ

مغانيـكِ  الحِسـانُ وساكنوها


بِحفْـظِ اللهِ مـا نـاحَ الحَمـامُ

ربوعُكِ  في الشبابِ  ديارُ  أُنسي


وكانَ  بهـا رضاعي  والفـطامُ

عهودٌ  لي هنالـِكَ  قدْ  تَقضّتْ


وليسَ بخـاطري عنها انفـصامُ

ميـاهُـكِ يا سـمـيرَامُ  لآلٍ


وروضُكِ زاهـرٌ ولـهُ  ابتسامُ

فنعمَ  الـدارُ  أنـتِ يا سـميرا


ونعمَ العيـشُ فيـكِ  والمقـامُ

خليلي إنْ رحلتَ غـداً فعـرّجْ


على حـيٍّ  أهـالـيهِ كِـرامُ

رعـاكَ اللّـهُ لا تنسى إذا مـا


حطـطتَ الرّحلَ وانحلَّ الحزام

وجاؤوا يسألونكَ قلْ : فـتاكُم


منَ الأشـواقِ أضنـاهُ السّقامُ

لأنَّ بعـادَكُمْ صـعبٌ عليـنا


وأنَّ الـقُربَ منـكم لا يـرامُ

حـذاري أنْ  تزيدَهـمُ  مقـالاً


فـخيرُ القـولِ أقصرُهُ كـلامُ

  ثم يقـول  في قصيدته :

أحقاً مـا سـمعْـنا أنَّ  حربـاً


ستُصـلى نارُها  وَ لهـا ضرامُ

جـوارُكِ يا سـمـيـرامُ وإلا


بِدارِ أُذيـنةَ  يعلـو  القـتـامُ

فـيا للّـهِ مـن أخبـارِ سـوءٍ


تكـدرُنا أتـانا بـهـا عِصامُ

مدينـة زينـبٍ  أنسـيتِ فخراً


شواهده فمـا برحـتْ  قيـامُ

وآثـاراً تـدلُّ عـلـى أُنـاسٍ


لـهمْ مِن سالفِ الدّهرِ  احتشامُ

    ثمّ يخـاطبُ زنـوبيا :

مليكـتي هلْ ترينَ  صُروحَ عـِزٍّ


مـعَ الأيـامِ كان لـها خِصامُ

نضـارتُها مكافـحـةُ  الليـالي


أزالَـتْها وأعيـاهـا الصّـدامُ

فتـرنو زينبُ  لـهفـاً كَظـبيٍّ


يذلُّ لِحسـنِهِ الليـثُ الهُمـامُ

و تبـصرُ تدمرَ الحسـنـا و إلا


اعترى ما قـدْ  بنتـْهُ الانهدامُ

نواويـسٌ  وأنقـاضٌ تـداعتْ


وأعمـدةٌ وأحجـارٌ  ضخـامُ

فتجـزعُ عندَ ذا وتقولُ تبّـاً


لِـدُنيا ليسَ يصحبُها  دوامُ

لِـذا يا زهـرةَ البلـدانِ صرتِ


فلا مـجدٌ لديـكِ  ولا احترامُ

خرابـُكِ كانَ مبدؤه حـروبٌ


وهلْ فيكِ  يكونُ  لـها خِـتامُ

تمنـيتُ الخلودَ بكِ قـديـماً


وأمّـا اليَوْمَ عجّل  يا حِـمـامُ

مُرادي أنتِ يا وطنـي المفـدّى


منَ الدُّنـيا وقصـدي والمـرامُ

عسى يوماً أشاهـدُ فيكِ علماً


وآدابـاً يـزيِّـنـُها نـِظـامُ

جهالةُ قاطنيكِ  تزيـدُ  قلبـي


همومـاً  ليسَ تنـفيها المـُدامُ

يميلُ لـها مـحبُّوكِ سـروراً


وتـأبـاها أعاديـكِ  اللـئامُ

فدَتـْكِ النّفسُ منْ وطنٍ عزيـزٍ


شقـانا راحـةٌ بـكِ والسّلامُ

  وللشـاعر فارس الفيـاض هذه الأبيات :

وا لـهفي لـمّـا رأيـت


دمعـي يفيـضُ  لِبُعدِهـا

جاءتْ  تودعُـني  وَ قـدْ


مالَتْ تـهـزّ بِقـدِهــا

قالَـتْ أحلَّ بنـا  الفِراق


وطـوّقَـتْـني بِـزنْـدِها

فدمـوعُهـا  ومَـدامِعي


مُـزِجَتْ بـخدِّي وَخدِّها

يا ويـلَ قلـبي لما رأى


لـِي لـذةٌ مـِنْ  بعْدِهـا

وللشاعر قصيدة في مدح القريـتين, وله أيضاً :  

أخلائي هذا  الدّهرُ هـيج أشجاني


بالبَيْـنِ والتّفْـريقِ والْـوِجْدانِـي

تغربتُ عـنْ  أهلي لكسبِ معيشةٍ


وتحصيـلِ آدابٍ وعـلمٍ وعـرفانِ

وَقَلْبي  أَسيرٌ فـي الغَـرامِ مُـكبلٌ


يـئنُّ مِنَ الأشـواقِ  أنـّةَ وَلْـهانِ
















حواشي وإحالات الفصل الأول :

1- تم اختيار هذين الشاعرين فقط لعدة أسباب منها: 1ً- قصائدهما مهددة بالضياع لعدم جمعها في ديوان خلال حياتهما 2ًَ- لقد وجد هذان الشاعران في زمن عمّ فيه الجهل والأمية ومن هنا تأتـي أهمية هذه القصائد المنشورة في هذا الكتاب  3ً- كونهما راحلين.

وبالتالي أستميح الشعراء الأحياء - وهم كثر حالياً -  المعذرة لعدم التطرق إلى شعرهم في هذا الكتاب, راجياً منه تعالى أن أتمكن في كتاب آخر من جمع تلك الدرر الثمينة والنفيسة فيه, ورصد للحركة الأدبية في القريتين.

2- كان سليمان جبور والد الشاعر يتحدث لأبناء القريتين عن مخترعات قد أطلع عليها من خلال مشاهداته ومطالعاته ومنها على سبيل المثال السيارة والباخرة والهاتف فلا يصدقه أحد, وكان حديثه عن الطائرة وَوصفه لها غايةً في الخيال حيث قال لهم بوجود آلة تطير في السماء وفيها ركّاب، فخرجوا من عنده وهم يقولون فيما بينهم ( هاي كذبة جبّورية) وكان الشاعر أبو منير كلما عاد من أسفاره ورحلاته الطويلة يأتـي الكثير من أبناء بلدته للسلام عليه والتهنئة بسلامة الوصول, وكان يقص عليهم ما شاهده من تقدم علمي وتقني فـي تلك البلاد التي زارها, وكان الكثير من هؤلاء لا يعرفون من دنياهم سوى البيت والحقل, فكان حديث أبـي منير ضرباً من الخيال والأوهام عندهم كحديث والده من قبل, وبالتالي لم تصدق عقولهم أقواله, فقيل ضمن مجتمع القريتين: (كذبة جبورية) وصار هذا القول مثلاً, ولكن عندما وصلت المدنية إلى بلدتهم تبين لهم أن كلّ ما قاله أبو منير ومن قبله والده هو حقيقة لا خيال, ويقين لا وهم.

3- موضة الخنافس : موضة انتشرت بين الشباب في الغرب, ثم انتقلت إلى مجتمعنا العربـي في نهاية الستينيات, وانتشرت في السبعينيات من القرن الماضي ولا سيما في المدن, وأهم ما تميزت به هذه الموضة الدخيلة على مجتمعنا هو تدلـي شعر الرأس على الخدين والظهر.

4-  اســــتخدم العرب بعد الإســـــــــــــلام الأحرف في الحســــــــــــاب، ووضعوا لكل حرف دلالـة عدديـة, ( وسمّوه قوّة الحرف ) وكان الشـاعر إذا أراد أن يـؤرخ لأمـر هـام فـي قصـيدته مثل معركـة, وفـاة عظـيم, بنـاء شـامخ ... استخـدم هذه الطـريقة, ولاسيما فـي ( بيـت التاريخ  ) الأخـير في القصيدة, حيث يأتي الشاعر بعجز بيت أو جملة فيه إذا جمعت أرقام حروفه بحساب الجمَّل خرجت السنة التي يريدها, والدلالة العددية للأحرف: 


  أ

  ب

  ج

  د

  هـ

  و

  ز

  ح

  ط

  ي

  ك

  ل

  م

  ن

  1

  2

  3

  4

  5

  6

  7

  8

  9

10

  20

  30

  40

50

  س

  ع

  ف

  ص

  ق

  ر

  ش

  ت

  ث

  خ

  ذ

  ض

  ظ

غ

60

  70

  80

  90

100

200

300

400

500

600

700

800

900

1000

  5- كم كنت أتمنى أن تتاح لي الفرصة لجمع قصائد هذا الشاعر الكبير وشرح مفرداتـها فـي ديوان أو نشرة مطبوعة خوفاً من ضياعها 0  

   6- التشطير : يعمد الشاعر إلى أبيات مشهورة لغيره فيقسم أبياتها إلى شطرين شطرين يضيف إلى كل منهما شطرا من عنده , مراعيا تناسب اللفظ والمعنى بين الأصل والفرع ..ويشترط في التشطير ألا يكون في تركيبه كلفة ولا حشو , بل أن يزيد الأصل جلاء ومعنى لطيفا .

 7 – محـمد كرد علي: ولد عام 1876م, كان رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق ومن مؤسسيه, تولى وزارة المعارف, ومن مؤلفاته الهامة خطط الشام في ستة مجلدات, توفي عام 1953م. 









الفصل الثاني :   

الشعر باللغة المحكية

الشعر الشعبي شعر جميل له صوره وموسيقاه الخاصة, وتناول كلّ المواضيع, والقصيدة النبطية تحمل صفات القصيدة الفصحى, فهي موزونة وذات تفعيلات وجوازات, ولها نغم موسيقي وتلحن وتغنى, وشـعراء هذا اللون في القريتين كثر, وسأقدم للقارئ الكريم نماذج من هذا الشعر لشعراء أيضـاً انتقلوا إلـى جوار ربهــم, ويتضمن هذا الفصل قصائد للشعراء :

1ً- محمـد طيفور ( أبو عـزات ).

2ً- خالد العباس المعروف بالطرشة ( أبو راتب ).

3ً- محمـد الشلحة ( أبو عبد الرحمن ).

4ً- درويش الغصن ( أبو خالد ). 

5ً- مصطفى الرحمون.

6ً- حسين النجـم ( أبو فواز ).


1ً- الشاعر مـحمد طيفور ( أبو عزّات ): 

ولد عام 1857م, عاش أيام خاله فياض، لكنه كان على خلاف معه نتيجة زواجه من فتاة من عشيرة الحْسنة ،كان متعلماً في وقت عمّ فيه الجهل, ولذا كان منافساً لخاله ويخشى منه, وقد شارك في مؤتمرات دولية, كما تسلم رئاسة اللجنة المشكَّلة لإحصاء السكان في القريتين في 21 / 1 / 1922م, توفي عام 1939م, وله الكثير من القصائد والعتابا معظمه ضاع إلاّ ما حفظ في الصدور, ويقال: إنه قبل وفاته قام بحرق أوراقه التي كتب عليها شعره, ومناسبة قصيدته المشهورة هي هذه القصة:

أثناء الحكم العثمانـي لبلادنا, وفي أواخر القرن التاســــــــــــع عشـــر كان فـــي دمشــــق تاجر غنم يدعـى ( ابن البسـام ), وكان يشـتري الأغنام من الموصل في العراق وتمر في طريقها بمنطقة القريتين, وفي إحدى برخانات الغنم ( البرخانة هي شلعة أو قطيع ) القادمة من الموصل إلى دمشق مرّت بمنطقة الحير التابعة للقريتين, فتعرّضت إلى سطو مسلح ومدبّـر, وقتل عدد من الذين يقومون بحراستها, ولَمّـا جاءت دورية الدرك من دمشق للتحقيق في هذا الموضوع اتهـم أبو عزات ظلمـاً بذلك, وقيل غير ذلك إنّـه اتهم بمقتل ضابطين تركيين كانا نائمين في منزول الآغا, والرواية الأولى سمعتها من كبار السن في القريتين, والمهم على أثـر ذلك سُجن مدة سبع سنين في سجن عكا في فلسطين, وأثناء سجنه قال هذه القصيدة الجميلة التي حفظت في الصدور, ولم تحفظ بين السطور :

شديتْ كــوارٍ مـثمناتٍ ثـمانـي


منْ فـوقْ هـجنٍ, مزرفـلاتٍ زرافـاتْ

لَـذوملنْ  شبه البدور الغـوانـي


وِنْ روَّحــنْ, يشفـنْ علـيل  إليـامات

ريـح ومنهن  للكواعب  دهانـي    


هـذا حـرزهن, زهــرة الجد والمـات

مـانوّخن  برباع  قومٍ  عـوانـي


ولا ألقــى مثلهن, بركاب الشرارات

مرباعهن  بِـدَوَّة سَمهدانـي


ومقياظهن أم القــلايد, عفيـات

الأوّلى من صاحبٍ   مرحـبانـي


جـتنـا عطــية, من شيوخ العـمارات

والثانية من زولهـا مجفــلانـي


جتنــا إكســابه, من بكار الحويـطات

والثالثة من جيش راعي الحصانِ


غــثوان بن مرشـد, كبـير البطيـنات

والرابعة  نجــدية شـرعبانـي


زيـوفة زمـزومة شــو  مليــات

والخامسة من واحـدٍ مشـهداني


صـدر الجـزيرة, من كبار البويتـات

والسادسة عسعوسة عسعسانـي


من جيش  أخو قطنة, كبير المهـيدات

والسابعة  زعزوعـة زعزعانـي


أخوات عذرا أهل الدروع المضيــات

والثامنة, من جيش حلو المبانـي


فيـاض بن دعــاس, شيخ القريــات

يوم تكامـل عـدهن  بالثمانـي


قامـن وسارن شبه  رف القطايــات

يرهج عددهن بالذهب والجمانـي


وقـلايـد بركابـهن, جوهـريـات

مخاطمن بخشومهن صنع  عـانـي


ورسـانهن بيمـان, زبن البنـــيات

اللـي عليهن يفهمون  المعـانـي


اليشـرطية, للمخــاليـق ســـادات

ملبوسهم من جوخ غــالي الثــمانـي


ومزاويـهم شغـل الحســا مقصبـيات

بارودهـم بكتوفهم  شيشخانـي


معمل افرنـجي ومـوزرن أجنـبيات

ويـا محـلا تجنـيدهم  بالردانـي


خــناجر بصـدورهم نــيرزيــات

ياطروش مدوا بالحفظ  والأمانـي


وزهـابكم من لــذة الـزاد  عـجوات

يمـدن مـن القلــعـة بلــيا ثوانـي


كـم ثــوروهن, من حبوس الجنايـات

مـع جيرة الله  يا ركاب الثمانـي


و تنحرون ديـارنـا والمضــافـات

تلـفوا الغيـد معزبن مرحبانـي


و ليا لفيتوا اعطـوا كتابـي  لعـزات

اقرأ كتابـي تقول  سبع المثانـي


و سلم على اخـواني وجيه وجـودات

اللـي  يفك رمـوزنا  والمعانـي


سلم عليـه و زيـد منـا السـلامات

يا عـارف اركب فوق بنت الـحصاني


آنــي نخيـتك و السـبايا مقــفيات

حبر الكتاب المسك  والزعفرانـي


ومثـلث بدمــوع عينـي بلــوعات

خطيت كتابي  والدمع سيسبانـي


أبكي هميل, وغاشـي الدمع دمــات

أهـل الـمحاكم  أُعجبوا من لسانـي


جـوابنا مـربوط, طبـق النظـامــات

طلبت من ربّـي وربّـي عطاني


و شــربت من بحر الزكا ثـلاث غرفات

حنـا سكـنا بعاليات المبانـي     


موطن سباع ومسكن الليـث غابـات

حنـا جفتنا  ديارنا  من  زمانـي


وحْــنَّا سـكنّا ديـار حبس الجنايـات

كلّو لشـان عــيون بيـض غوانـي


أضـحت جنـابي عن دياري خليات

يـا ربع صلّوا على النبي المدانـي


مـا دام أبـو عـزات ينظم بالبيـاتْ

ملاحظـة: يقال: إن القســـــــم المتعلق بوصف جســـم الأنـثى والتي وضعت قبل البيت الأخير      ( أي من البيـت ( 35 ) وحتى البيت ( 49 ) تـم إدخالـه علـى القصيدة ) دون علـم مـن الشاعر أبـي عزات, ويقال: إن القصيدة كلها من نظمـه, والأرجـح والله أعـــلم إن هذه الأبيات هي من قصيدة أخرى له, ولكن قبل دخوله السجن وفيما يلي هذه الأبيات :  

الشعر المجعد على الكتف محدرانـي


وقـوس الحواجب تقول نـون وكافـات

وجبـينها الوضاح بدر الزمـانـي


والصدغ فوقــو عـقـرب بلسـعات

وعيونها ترمـي بخاص المعـانـي


والجفن يرمـي بالحشـا سـمهريات

الـخشم ضب السـيف هندي يـمانـي


والفـم خــاتم والبــراطـم عقيقات

وسنونـها شبه البـرد   والجمانـي


ولسـانــها ثعبـان وادي مســيلاتْ

والدقـن فنجـان مـالو ثانــي


وخدودهـا تفاح شامـي  شهيـاتْ

والعنق عنق الرّيـم كالديدحانـي


ونهـودها  فنجان صيـني  زهـياتْ

والصدر لوح رخام مرمر زمانـي


وبوسـطو ثريـا وحـولها سبع نـجماتْ


ومما جاء فيها أيضاً :          

والقـدّ عود الزان أسمر سبانـي


غصن تمـايل والكواشح خفيــاتْ

لو فتشـوا  بلادنـا وأصفهانـي


ولـو فتشــوا بحارهـا والسماواتْ

حتى الـجـن والإنـس والقـبل كانـي


وما دب فـوق الأرض والثـمن جنـاتْ

عـيَّو  ولا يلقـو كل  الغوانـي


خـودٍ رواحـن مثل شمس الضحاواتْ




2ً- الشـاعر خالد مـحمد العباس المعروف بالطرشة ( أبو راتب ):   

ولد في القريتين عام 1892م, شاعر شعبي معروف في القريتين بقصائده الكثيرة وبما ألفـه مـن أبيات عتابــا مشهورة, قصائده متفرقة هنا وهناك, ذهب أيام الحكم العثماني لبلادنا للحرب في تركية وروسيا وأُسِر, و تزوج هناك وأنجب وقد بقي سبع سنوات بعيداً عن بلدته, توفـي عام 1974م, وكان يتقن اللغتين التركية والروسية, ومن أشهر قصائده:

1 – عندما علم الشاعر أبو راتب بخروج أبناء القريتين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام من السجن نتيجة حادثة معسكر الضمير 1945م ومنهم محـمد حسن الكناوي ( أبو عاصم ) وقد ذكرنا هذه القصة في الجزء الثاني من هذا الكتاب, وعلم بالدور الذي قام به الشيخ فواز الشعلان والشيخ راكان المرشد لإطلاق سراحهم, أرسل الشاعر أبو راتب قصيدة لكل منهما يمدحهما ويـثني عليهما وسنقتطف بعض الأبيات من كل قصيدة :

آ - ففي القصيدة المرسلة للشيخ فواز الشعلان يقول :                                              

يـا راكـباً مـن فـوق حـمرة تليعـةْ


مــحفظـة مـن عهـد وايـل وعنـازْ

تقــطع بعيد الدرب بـخطوة سريـعـةْ


مـثل النــعـام الجـفلة هيـج نـزازْ

تلـفي لأبو دحـام, حــامـي ربـيـعةْ


زبن العذارى الليا صار وكزاً بمهمـازْ

منــبوت من غــرسات عـالي رفيعـةْ


غرسـة أبو نــواف يـا نــعمْ غـرازْ

أمــير بالحـكام رتـبــة رفــيعـةْ


وفـايز عـلى الشيــخان بالعون فـوازْ

أنت الـبدر يـا مــير زين الطــليعةْ


البـدر عالـي على الدنـيا وممتـازْ

مثل البحر يا مير جودك جميعهْ


البحر طامي والمصاميد تعتازْ

كيلّت للبدو سنة المجيعةْ


بالجود حاتم وبالفرسان جزازْ

عادتكم بالجود عادة بديعةْ


تعـطوا من الذهـبان حـفنات وجـوازْ

وبعد ذلك يتابع الشاعر خالد العباس أبو راتب مـدحه للشيخ ( فواز ) قائلاً: 

خلصت مسجونين بقلعة منيعةْ


مـن جور ظالم ناكث  العهد هـمازْ

دورت أنا الـبدو نجد  وربيعةْ


من تونس الخضـرا لبلاد الهوازْ

درت اليمن والهند, كلها جميعهْ


مـن ديـرة العجــمان لبـلاد الحجازْ

مـا لقـيت من يشـفي علــيلاً وجيعةْ


أخلافكم يازين كل معتـازْ

وادّوم ما دامت الدنيا وربيعةْ


بالجاه والمعروف والخير واعْزازْ

ب - وفي القصيدة الثانية وتضم ( 30 ) بيتاً والتي مدح فيها الشيخ النائب راكان المرشد لما بذله من جهد في تخليص أبناء القريتين من حكم الإعـدام نقتطف هذه الأبيات :

يا راكباً من فـوق بكـرة  نجودي


بيضا ووضاحٍ, وَكَنْـها ريـمْ غزلانْ

خوذ الكتـاب, وسير مع البرودي


  احذرْ مسير الشوب, يدعيك عطشانْ

ثم يتابع قائلاً:

ارم السّلام بكل هدوة وركودي


وقبّلْ يمين الشيخ, هذاك راكانْ

اتشـوف النشـامى حول منه قــعودي


بربعة زادت على سوق عمّانْ

مهباش يضبح, والركاوي ركودي


والعبد داير بالقهاوي وفنجانْ

محفوظ بعونِ الله, رغم الحسودي


وبمجلس النّواب عالي بديوانْ

وفـي هذه القصيـدة يتابع الشاعر خالد العباس مدحه للشيخ راكان قائلاً :

شيخٍ على الشيخان نايف بزودي


بالـجود والمعروف  والسّيف وسـنانْ

تفوقتْ على البدوان بكل جـودي


و زدت عـن الحضـران بدون نقصـانْ

بِـهِمْتَكْ فكيت أسـر الجنودي


وخلصتْ مسجونين من حبـس لومانْ

فاحت لكم شيعة  شبه الورودي


    ريـحة مسك, و زهور بشهر نيسـانْ

وفــي نهـاية هــذه القصـيدة يقول الشاعـر خـالد العباس ( أبـو راتب ) :

حطّيت مدحي فيك جهدي وجهودي


وتركت أنا الشيخان فلان وفلانْ

آخـر قصـيدي أقـول عـمرك يزودي


وتزهي بِك الديرات, بِعزّ وأمانْ

وصلاة ربّي, كلّ ما لاح عـودي


على النبي المختار من ولد عدنانْ

2– أرسـل المرحوم محـمد العباس ( أبو عـبدو ) قصيدة لولـده خـالد العباس (أبو راتب ) الذي كان بالجيش العثمانـي وكانت خدمته فـي مدينة (كوبـر) في تركية وذلك حوالي عام 1913م ومـن أبياتـها نقتطف :

يا راكـباً حـرة لـها الـبعـد قـربـي


جذعـيةٍ مـا ظـن حـاشـي تـلاهـا

مرباعـها مـن جـبال كحـلة وغربـي


ومقيــاظـها, أم القــلايد ميـاهـا

اتمـد من البيـضا, على غـير دربـــي


تـمشـي عفـاس, سهولها مـع وداهـا

قــبل العصـر, تكـون ببـواب حلبـي


حـمص وحمـاة بالعـون تعدي مداهـا

عنـد الفـجر, تنحـر ديــار غـربـي


انـزل على (قونيـه) وحــوّل حداهـا

وليّا قطـعـت التـرك وبـلاد عربـي


تلـفي على (الكوبـر) كثيـر ميـاهـا

ويقصد بالبيضا في البيت الثالث حوارين, وبعـد ذلك يقول:

تلقى ولد عباس يقرا بكتبي


وجهاً فليحـاً وزاكياً, بي بناها

سلّم عليه, عداد ما هب غربي


وسلّم عليه, عداد رمل وحصاها

حذراك مـن يَمِّنا وتفتكر بي


أخوانك المردان, طالت لحاها

شامخ وصابر وهاني وجذبي


جادوا علينا, بكثر شلع الكماها

ياربّ يا مولايْ تفرج لكربي


يا خالق الدّنيا وسابع سماها

وصلت رسالة  الوالد ( أبـي عبدو ) إلى ولده خالد ( أبـي راتب ), وبسبب ظروف الحرب انتقـل إلى قلـعة ( جـناق ) وهي فـي بلاد الأتراك, حيث تدور رحاها, فرد عليه برسالة تضمنت قصيدة نقتطف منها هذه الأبيات:

يــا راكباً مـنْ عندنا فـوق بالـونْ


يسري بكبد الْجو مثل السّحــابـي

فارقْ ديـار الحرب ياشـين والكـونْ


وانْـحرْ ديـاراً عذياتٍ حصـابـي

فارقْ بـلادٍ  بلغـتـك مـا يعرفـونْ


عَـلِّـي فوق غـيومهـا والضبابـي

وفيما بعد يقول أبو راتب :

أنـا اللـي صابـني ما صاب مجـنونْ


صارْ لي, جمـلة أعوام مفارق أحبابي

مـحمد بن عـباس يا خـير مزيـونْ


أبشـرْ بنـجـلك, نال فرسه ذيابـي

ذبّـحت من العـدوان مـية وثلاثونْ


من موزري يـا بـوي, ولّوا  ذهابـي

(قوجـو وبوجو وطالس وشمعـونْ)


دعيتهـم يـابوي ذبحـاً قصابي

تسمعْ لضرب الطـوبْ للقوم طاعونْ


ورّث علـيهم معظـمات المصـابـي

وينهي الشاعر قصيدته :

يـابـوي لقولنا وإنْ كـان تصـغونْ


بحيـاتكم يــابوي ردوا جــوابي

قـوّالـها ولـد عبـاس جاراً لسلومْ


مهـديها لحـباب عزوة قــرابي

3 – وأود أن أقـول : إنَّ لـهذا الشاعر الكثـير من أبيات العتابـا التي سترد في الفصل الثالث المتعلق بالغناء وألوانه في القريتين, كما أود أن أخـتم حديثـي عن الشــــــــــاعر الشــعبي خـالد العباس     ( أبـي راتب ) بهذه القصيدة الجميلة والتي قالهـا في أيامه الأخيرة, حيث كبر سنه, رحمه الله تعالى والقصيدة رغم أنها دون عنوان فقد وضعت لها عنواناً هو (عركت الدهر):

أَبْـدي بِـذكْـرِ الله قـبلْ كل شـيـَّـا


الواحـدِ المـعـبود, عـالـِم بالسـّرارْ

حـاكـمْ وعـادلْ عَ العـباد بسـويّـةْ


يـخلقْ, ويـرزقْ كلّ منـهم بمقـدار

يعــلم دبيـب النّـملْ بظـلمـة قويّـةْ


ويحـصي عدد  قـطرات  السّحاب الْمطارْ

ويـرزق وحـوشاً سـايـبة بالبـريّــةْ


ويطـعـم لطـير الجـو, والحـوت ببحارْ

ربّ وعـلـيم ومـا يـخـفاه خـفيّـةْ


يعــلم جميـع اللي صـار بلـيل ونهـارْ

أرجــوك يا رحـمن تلـطـف علـيّـا


بالعـفـو والغـفران, و تجنيـبـيَ النـّارْ

نفسـي مـن الزلاتْ مـا هـي خـفيـةْ


كانتْ سبـب مسـلاة وابليـس شـوارْ

عـلـيَّ ذنــوبٌ مزمـنـاتٌ بطـيـةْ


أنـتَ الرّحـيم, وَ للمـذنبـين غـفـّارْ

والكلّ منـا ببـحر عفـوك زريــةْ


أرجوك يا غفّـار, تـمحــي هـالوزارْ

أنتَ العـليـم وبكـل عـلة خــفيـةْ


أنتَ الحـــلـيم وللمخـالـيق ستّـارْ

مـتـوسـلاً بِـخيـر كـلّ البـريّــةْ


المصطـفى, المبـعوث للـنّـاس مـختـارْ

ومن بعد هـذا القـول عــندي حكيّـةْ


صـدقـاً ونطـقـاً, مـا دنـسن عشّارْ

كلام صـافٍ شبـه شـهـدٍ, شــهيّـةْ


مصفـحاً مـا بيـه عســيات وانكـارْ

أنا عــركـت الدّهـر مـدة مـديّـةْ


وذقـت حـلواتـو ومـا بيـه وسـرارْ

ودرت بـلاد الله, بـأوسـع فــضيّـا


شـرقـاً وغـربـاً, ويمينـات ويسـارْ

وعـاشرت من الخــلان عشـرات مـيةْ


متجـنسـين الـملات صـغـار وكبـارْ

مـا أوجـسـت واحـداً خـان بـيّـا


كلّ الرجـال بـهـا حشـمات ووقـارْ

هـذا كلامـي يفـهـم بالجـلـــيّةْ


باقـي عـليِّ  القـول مـن يــم البكارْ

البعـض مـنهـنْ كــحيـلة وعبـيـةْ


هـاي الأصــيلة, وسابقـة كلّ مشوارْ

اتـهـلي لِـولِـد العـمّ, وتقول: حيّـا


منطـوقـها بالـعونْ عــدات ديــنارْ

مــعسـولـة الثـنـيان ريـحة زكـيةْ


ريـحـة زبـاد ونَـد, ونفحات عطّـارْ

يـحـمد لـربّـه الحـاز زهـرة بعطيـةْ


يصـبح بنــعمـاته إعـزاز وكثــارْ

يسـكن قصــوراً مشـيـدات فضـيةْ


مرصـوصة البنيان, عاليةْ الجـدارْ

ومـقرود حــظو الحـاش بنت الرديـّةْ


بلــهـا ومنحوسـة, و مـا منها كـارْ

مـا يـشوف بدنيـاه سـاعة هـنـيّـةْ


كلّ الوقـات عــياط  وصـياح ونقـارْ

ويسـمع كلام الشّـتْ صـبح و مسـيّا


من لسـان قـاطع, تقـول سيف بتـّارْ

و تـــزوِّد البـلـواتْ ميـّة بـميـّةْ


وتزيـد هــمومه, كلّ درهـم بقـنطارْ

تــعوي عـوي الذّيب, كلبـة جعيريّـةْ


تنـعق نعـيق البـوم, تنهق كالحمـارْ

إن أقــبلت دنـياه, وصــارت زهيّـةْ


تبــذّر وتنـثر, و ما تـأوي على الدّارْ

وإن أدبـرت الأيــام وصابـته شيّـا


تصـير كالقــيمـان طـلابـة للثـّارْ

وتصيـح بأعلى الصـّوتْ قــصّر علـيّا


وتكــثِّـر العيـطات, وتسـمِّع الجـارْ

خليّت من  الحــشمـات  بالجـيد بيّـا


نكّـارة الحســنات, كــثـّارة العـارْ

هـذي مــصـيـبة مـن الله, وبيّـا


    والكاتبُ الرحمـن عَ العبد كُـن صَارْ

وإن كان من هـالضـيق ما من فضـيّا


أرجـوك يا مـولاي تـفريـق العْـمارْ












3 – الشاعر محمـد أحمـد الشلحة ( أبو عبد الرحمن ): 

ولد في القريتين عام  1893م, له قصائد كثيرة معظمها محفوظة, وكان يحفظ الكثير من العتابا ويقولها ويفسرها, الصورة رقم ( 6 ) وقـد انتقل إلى جوار ربه عام 1976م, ومن قصائده قصيدة حول ولديه فـي فلسطين وأخرى فـي مدح أمير الشارقة  وسنقتطف مـن قصائده ما يلي :

آ ـ نظمت هذه القصيدة بعد نهاية حرب 1948م, ومناسبتها أن المرحوم محـمد الشلحة له ثلاثة أولاد هم المرحومون: عبد الرحمن ( أبو ياسر ) موظف في شركة نفط العراق, ومحمود ( أبو فايز ) متطوع و أحمد ( أبو فؤاد ) سحب للجيش أيضاً بسبب الحرب, وكان أبو عبد الرحمن في شبابه قد أصيب في عرس بطلق ناري برجله مما يتطلب وجود أحد أولاده عنده, فكانت هذه القصيدة وكان له ما أراد, ونقتطف منها :

حيِّ الحبـيبْ الـْشوفـتو فضّتْ الْبـالْ


حـيِّ السّـلامْ, وحيّ شـوفة جـنـيني

يفـوح قلبـي فوحـة الـبِـنْ بِـدلالْ


واجوض تالـي الليـل تسمـع عنيـني

عَ فـراق خـِلٍّ خلخل العقـل بخـلالْ


وسوو محـاليل الحشـا, بالسـنـيـنِ

بِجـاه ربـّي عالـمٍ بكـلّ الاحـوالْ


يـأوِّلْ علـيَّ شـوفـة الغـايـبـينِ

وبحـق مَن هُوْ ساكنٍ بروس الجبــالْ


وبِحــق طـه سـاكـنٍ بالمـديـني

يفـرِّجْ لقلبـي صابنـي هَمّ واهـوالْ


بحـق الحسنْ وحـسـين والـتّـابـعينِ

قصـدي أشـوف الـخِلّ مِن  قبل الخلالْ


بِحـق الخـليلْ وحـق ركـن اليميـني

ربّـي كـريـم يعـدّل الحـمل لَـمالْ


أشـوفــهم بالعـين, يـبطـل عنيـني

واللّـه, مـا بقـصد معـاشات وامْـوالْ


إلاّ أحـمـد ومحمـود بـِفلسـطينـي

زلّ الـزّلال, وزلـزل العـقـل بـزلالْ


فـوزي على الكـفّار, حالـف يميـني(1)

إلا يجـي الحاخام برجليه  الغـلالْ (2)


مكـتوف بالزنـدين مـثل الظعيــني

الرئيـس حمى الأوطان للشّعب ميّــالْ


شـكري ملـكنا والـوزر خـاينيـني(3)

فارس(4)صليب الشّـور للحـمل شـيّـالْ


نـعـم الوزيـر, يعـدّل الْـمايلـينـي

النـّعمْ  أبـو بنـيان يـا قرم العيـالْ(5)


منقـــــــع الطّيـب, وخلـفة  الغـانمـينِ

أنـا اشهـد إنـك بالملاقــاة خشم جالْ


بـهــجوم كعوش شيـّب الراضعـينِ(6)

النـُّور يـا البـلور, يا هـديب الأحـمالْ


يـا بحرْ طـامـي, مشبـع الجايـعيـنِ

أريــد منـك يا زكـي العـم والخـالْ


اطـلب جنـابـك  يا ذرى الحـايـرينِ

عَ فـراق أحمد كُـنْ صابنـي غـثا بـالْ


آمِـر بنقـلـه ريـت عمـرك سنـيـنِ

واختـم كلامـي بالـنّـبي زيـن الافعالْ


صـلُّوا  علـى الـمخـتار, يا حاضرينِ

ب –  وفي بداية قصيدة للمرحوم محمـد الشلحة يقـول  :

مبداي بـاللي كـوَّنْ الخـلق والـنّـاسْ


الـواحـد المعـبود, حاصـي عـددْهـا

الْطـفْ بِحالـي, صار بالقـلب هوجـاسْ


بحـق الّـذي بالمـهد أنطــق ولـدْهـا

وبحـق مَـن حولـه المخاليـص جـُلاسْ


محمد الـمختـار, بسـيفو مهـدهـا

وبحـق مَـن أطلب رضاهم, علـى سـاسْ


الـوالـدين, اللـي رضـاهم سـعدهـا

أنـتَ الرّجـا, بحـفرة مـا بهـا أونـاسْ


يـوم الخلايـق, شـاخصـة بعـددهـا

وينهي أبو عبد الرحمن قصيدته :

أجوض تالـي اللـيل محـروم النعــاسْ


مثل الخلـوج اللي بالمـفالـي وحـدها(7)

كــنـــــــّي قريـــــــص الـدّاب مضروب بـالـراس


أوجـس بقلـبــــــــــــــــــــــــــــــــــــي نـار زايـد وقدهـا

أمشي علـى العكـاز والثالث السـاسْ


تِفّـنْ علـى الدنيّـا ماكْـثر نكــدْها

أنـتَ الـذي يـاربّ خلّاق الاجنـاسْ


أنـتَ الذي تمشّـي السحاب بـرعدها

الْـطفْ بِحالـي عند ضيقاتْ الانفـاسْ


بحـق مَـن أرسى الجبـال ومهـدْهـا


وصلاة ربّـي كلّ مـا هـبّ نســناسْ


عَ المصطفـى المختـار عـاش بـرغدْها

ج - عندما توفيت زوجته ( أم عبد الرحمن ), وكان عمره يقترب من الثمانين, تأثّر كثيراً فقال قصيدة نقتطف منها هذه الأبيات :

حـيّ الكتـابْ, وحيّ ركبـاً لفنّـي


وحـيّ الطّروش اللّي عَ الْهجنْ لافـينْ

بعيـنـي أشـوفْ الركـايبْ هظّـلني


جـابنْ علـيَّ تالـيَ اللّيــل غاليـنْ

طالعـتْ أنـي البرقيـنْ مـا صدّقنـي


هبيل يا اللّي صَـدّقْ الحِـلِم والعَـينْ

بـرق اللعـجْ مِـنْ يَــمّـهُمْ خـايلني


ما ينقطـع باللّـيل بـرقُ المخـيليــنْ

هـاجنْ ومـاجنْ وزرفلـنْ وهـْملنـي


وسـاحنْ ونـاحـنْ  بِديارِ المحـبيــنْ

يا اللهْ يــا رزّاقْ خـلـقٍ تِـمـنّــي


يـا مدبّـر الحالاتْ ما بين حــرفــينْ

تـجعـلْ مـقام الـزّينْ بِـرياض جَنّـي


بِجـنّةِ الفـردوسْ ملفـاهْ قَـصـريـنْ

الشّـوفْ قرّبْ والـرّكـب يوجـعنّـي


والعـمـر عُـدّهْ  داخــلٍ بالثـمانـينْ

وآذانـيـا الـثّنـتيـنْ مـا يسمـعَنّـي


بـيـني وبيـنْ الشـوفْ مثـل الدّخاخينْ

د - وأرسل الشاعر هذه القصيدة في الخمسينيات من القرن الماضي إلى ولده محمود فـي تدمر, وكان بارّاً به  :

يـا اللهْ يـا والـي علـى كـلّ والـي


يـا مكوّن الـدُّنيّـا, وحاصـي عددهـا

الطـفْ بِحـالـي يـا عـزيزَ الجلالـي


يـاربّ تفْـرجـها, وتْـزوّل نَكـدهـا

بِـحـقْ طـه والاقطاب العــوالـي(8)


وبحـقْ مَـن أرسـى الجبـال ومهـدهـا

أنـتَ الـذي يـا ربّ تعـلم بِحالـي


أنـتَ الذي تمشـي السّـحابْ برعدهـا

ويتابع قائلاً:

ربيـتـكم يـا عيـال بعـزّ ودلالــي


مثـل الحنونـة اللّـي تـلبي ولدهـا

عـند الكـبر يا عيـال قصـرت حبالـي


تفّـاً عـلـى الدُّنيـا ما اكثرْ  نكـدهـا

اجوض تـالـي اللّـيـل حالـي بحالـي


عينـي سهـيري مـا تلافـي ركدهـا(9)

هـ - وفـي قصيدة أخرى قالها المرحوم محمـد الشلحة فـي أواخـر أيـامـه نقتطف منها هـذه الأبيـات :                     

مـبداي باللـي كـوّن الخلـق وعـبابْ


الـواحـد اللـي كلّـنا نلتـجي لـَـهْ

يـا ربّ يـا رحمـن يـا واسـع البـابْ


ارحـمْ لحالـي يـا  منجّي  خلــيلَـهْ

وبحقْ  (عـمَّ وسورة الحمـدْ وأحـزابْ )


وبحـقْ ( طـه )  للخـلايـق  دليــلهْ

الطـفْ بِحالـي صار  بالقلب  سرسـابْ


أوجـس بنفسـي بـين قالٍ  وقيــلةْ

ويخـتـتم هـذه القصيدة بقـولِه :

أمـراً جـرى لـي بتـقاديـر وأسـبابْ


الشّــوفْ قـرّب, والْـمـروّة قلـيلةْ

بِجـاه ربِّـي, خالـق الكل بحســــابْ


يغفـرْ ذنـوبـي, صار حــملي ثقيـلةْ

مـالـي سِوى الرحـمن خلاق الاعشابْ


يـاربّ تُســتر عورتـي والحــليـلةْ

وبحـقْ الحـرم والبيت والأربـع قطـابْ


وبحـقْ زمـزم, والجبـال الثـقيـــلةْ

أخـتم كلامـي بالـنّبي وبـاقي الاصحابْ


محمد الـمـخـتار عـزّ الـدخيـلةْ


received_839572879914435

الصورة رقم ( 6 ) جدي محمـد أحمد الشلحة أبو عبد الرحمن رحمه الله


4- الشاعر المرحوم درويش الغصن ( أبو خالـد ) : 

لـه الكثـير من القصائـد والعتابا, توفـي عام 1962م, الصورة رقم ( 7 ) ومـن قصائده التي نظمها, هذه القصيدة التي قالها بعد مشاجرة بينه وبين عائلة كبيرة  بِـ ( باب القريّة ) فـي القريتين, حيث وقع طريح الفراش دون نجدة من أخوااـه, والمعلوم أن أعمامه ( القرايب البعاد ) كما يصفهم في قصيدته يتواجدون في الفرقلس, ونقتطف منها هذه الأبيات:

أبــديت باسـم الله خـلاق العـبادْ


الـواحـد المعبـود للـنـّاس يهــدِّنْ

أوجسـت مابـين الضــماير, والكبـادْ


سيخـاً عـلى جـمر المحاميـس يكـوِّنْ

قـلت آه, من جور الحواسـيد وشْ عـادْ


مـا ينفــعـك كـثر التلاويـم, لاوّنْ

قلبـي يهـوجسْ على القرايب البعـادْ


ما هو على سعيد ومـحمود عني  يصـدّنْ

الخـالْ خــالـي من القرابـة والـودادْ


عنـد اللـزوم ظـعونـهم عنّـي يشيلنْ

خلّـونـي كمـا المقــطـوع مـن غادْ


بأرض الحـمـادْ, ودموع عيـني يذرفـنْ

وينهـي أبو خـالد قصيدته بأبيات منها  :

خمساً ليالـي, ضجيعن  عَ  الوسـادْ


أسهر تـوالـي الليل, واقـول يلفـنْ

ظعن (أبو فرحان)  لَـشـيّل مــدادْ


الـْما ينفعك بالضيق, إشلك بقربـنْ

رايـاتكم  يا عْمامي ظلمـةْ بالسـوادْ


وعيـبنْ علـى اللي رجـالو يضـامنْ

ب - عندما أصبح أولاده الأربعة ( خالد, محـمد, علي, أحمد ) رجالاً, ضاقت السبل به, فلا عمل لهم ولا وظيفة, ومتطلبات الحياة تزداد يوماً بعد يوم, وسمع شاعرنا بتسلم الأمير زيد بيك الأطرش منصباً رفيعاً في دمشق (مديراً للدرك العام ) وذلك في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي, وكان يعرف أهله في جبل العرب, فقصده وكان مقره في قلعة دمشق.

وصل أبو خالد وقال للحاجب: قل للبيك جاي لعندك أبو خالد من القريتين. فقال زيد للحاجب: خلّيـه يدخل.

دخل أبو خالد وسلّم, ورحب زيد به كثيراً, ثم قال أبو خالد: جيت من القريتين أبارك لك بهذا المنصب, وبعد الحديث عن الأهل وأخبارهم, قال أبو خالد: عندي كم بيت بدّي أقلهم, وكان زيد يحب القصيد والعتابا فقال: تفضّل ( بو خالد ). 

فارتجل أبو خالد هذه الأبيات:  

البــارحـةْ باللّـيل فـاض الغـرامـي


قـمنـا نغـطّ أقـلامنـا من بـحرهـا

أسـطّـر بِـها عَ البيـكْ فحـوى كلامي


بيـكٍ عـلـى الضـباطْ يصدر أمـرهـا

يـا حـيد يا قــيدوم أنـت المـرامـي


أنتَ الّـذي للـمـوزمــاتِ ذخرهـا

أنتـو الّـذي سـاسـاتـكو للـزّعـامي


بيـّك, صـليب الشـور حـنّا انخبرهـا

فوقف زيد منتشياً وقال: تسلم, أشو هالجواهر ( بو خالد ), بيكفي, عليم الله إنك يا رجل جننـتـني, المطلوب مني أبشر بيه.

فقال الشاعر: بدّي خالد يتطوع بالجيش.

فرد زيد : غالـي وطلبك على عيني, وهذا كتاب مني, مو بس لخالد, لكل أولادك, وفعلاً دخل أولاده الأربعة مدرسة الرتباء بالجيش .

الوصف: C:\Users\غازي\Videos\دد.bmp

الصورة رقم (  7 ) الشاعر الشعبي المرحوم درويش الغصن ( أبو خالـد )


5ً- الشاعر مصطفى الرحمون :

شاعر من القريتين, عاش في القرن التاسع عشر, وقيل إن اسمه ( حسين ) ولا تعرف سنة ولادته ولا سنة وفاته, ولكنه عُرِف بجرأته وإتقانه العزف على الربابة, كما عرف بقصته مع الشيخ صالح الطيار (10), وقصته هي:

أطبقت القبائل البدوية ببيوتها وإبلها على القريتين  من كل جانب, فمعظم الرولة ولاسيما آل الشعلان يحبذون الاصطياف ( المقيظ ) في منطقة القريتين حيث وادي العين ( أم القلايد ), وغيرها من مناهل المياه العذبة, وأخذ حلال هذه القبائل يرعى في بساتينها ويشرب من غدرانها  مما أثر على ينابيعها ومزروعاتها في صيف ذلك العام, وعندما ضاقت الأرض بفلاحيها, وهم لا يستطيعون ترك حقولهم ومزروعاتهم التي هي مدار عيشهم وخبزهم اليومـي إلى مناطق أخرى كما يفعل البدو في زمنٍ عمت فيه المجاعة انطلق هؤلاء الفلاحون يشكون وضعهم لشيخ القريتين       ( الحاج فارس السليم ) في ذلك الوقت فلم يفلحوا حيث عزّ على الشيخ أن يطلب من البدو وشيخهم فيصل الشعلان أن يرحلوا عن بلده, وهنا انبرى لهذه المهمة شاعر القريتين ( مصطفى الرحمون ) فذهب مساء ذلك اليوم إلـى مضارب قبيلة الرولّة وهي من أكبر قبائل العرب في سورية (تجاوزت بيوتها ( 5000 ) بيت في بادية الشام كما جاء في رحلة الصايغ الحلبي ), ولمـّا دخل الشاعر ابن رحمون بيت الشيخ, تناول الربابة وقيل ارتجل هذه القصيدة الجميلة :

راحَ المعنّـى لَيقول بقصيـدتهْ


أبـياتْ قيـلٍ لايقـةْ لاربابَهـا

أبيـاتْ مـنْ بحرِ الزكا ألفتهـا


أحلى منَ الشهدِ اللذيذِ شْرابَـها

أنظمْ عَ الأجوادْ بطيبْ شعارهُم


والنظمْ عَ الأجوادْ ما بـو عيابَها

مرافقـةَ الأجوادْ تشرحْ بالَـكْ


يا اللي السعادةْ تحت ظلْ ركابها

أنـا خبيرٌ بالرجالْ أصقر بِهـا


مِـن صغر سنـي لَغَدنْ نيابَهـا

أدركتْ الرجالْ معارفاً واعرفتها


بيهُـم مِنْ فضةْ وبيـهُم ذهابهـا

ثم يقول :

نحـنا بْـخيرٍ وبِسرورْ و بِهنـا


لانعرف الشّـدةْ ولا نشقى بَها

خانـتْ بِنـا الأيامْ الله يخونَها


الدّهـر فايـنْ والكبرْ عيابهـا

أخو هدلـةْ يا مجـيرَ الخايـفْ


يا عـز قومـاً للعطا طلابَهـا

أخو هدلـةْ يا مجـيرَ الخايـفْ


يا عـزّ من تلبسْ حريرَ ثيابَها

دوّرْ لنـا عَ بلادْ غيرْ بلادنـا


وبلادنـا لا بـدْ عنْ ذهابـها

تا خبركْ عمّا جرى بِـبلادنـا


عمّـا جرى فينا وعنْ ما اصابها

يهـود خيبـر خرّبوا لديارنـا


ومـا يخافـوا الله, يوم حسابها

نزلوا على شيحةْ وباقي عيونها


هـدلانْ ونويـديسْ مع حطابها

أمّا ابنْ شعلان عارفْ منـزله


مِنْ فوقْ  راس العينْ  دَقّ طنابَها

ما قمطتْ الدّاياتْ ظني مثالُهْ


ولا نظـيرُهْ جابتْ الجيابـهـا

ستةْ خصايل قدْ حواها فيصلْ


تلفظ بِها الشعّار, نِعْمَ اربابها

جودٍ وعودٍ وقلة هرجْ


وعقلٍ وتدبيرٍ وزيْن خطابها

يعطي ويوهبْ مَنْ أتاهُ قاصدْ


يعطي السبايا مع كثير ذهابها

نبهْ على العربانْ, باكرْ يرحلوا


أم القلايدْ مظميينْ اصحابها

نبهْ عَ العربانْ خوذوا حذركمْ


الحـاضرٍ منكُمْ يعـلمْ الغيابَها

شدوا ومدّوا وعَ المناظرْ هدّوا


عَ تدمرْ الفيحا غدوا طلابها

منِ تدمرْ الفيحا للسخنةْ وأركْ


أخو دُنيا خاض شط افرا بهـا

بعد الصلاة على الـنبيّ محمدٍ


نبيّ عربيّ يشفع لنا بِحسابَها

وقد استجاب شيخ قبيلة الرولة فيصل الشعلان ( توفي عام 1864 م ) إلى مطلب الشاعر ابن رحمون فأمر أفراد قبيلته والقبائل الأخرى بالرحيل من منطقة القريتين منذ فجر اليوم التالـي حيث استيقظ أبناء القريتين فوجدوا البدو يرحلون عن أم القلايد .

    وانتشرت هذه القصيدة بين قبائل البدو بسرعة, ووصلت إلى الشيخ صالح الطيار, فطار عقله عندما سمع هذا البيت الذي يمدح فيه ابن رحمون الشيخ فيصل الشعلان:

ما قمطتْ الدّاياتْ  ظني  مثالُهْ         ولا نظـيرُهْ جابتْ  الجيابـهـا

وثارت ثائرة الشيخ صالح ورجاله , وأقسمَ بالله بإنـّه سيقطع لسان ابن رحمون بالسيف, وصالح الطيّـار إذا وعد وفـى, ويقال إن رجال الطيار كانوا وقتها في القريتين فسمعوا هذا البيت فثارت ثائرتهم وأقسموا بأنهم سيقطعون لسانه فالتجأ إلى بيت الشيخ فارس وحاصروه في منزوله وقيل في رواية أخرى إنه بعد مدة قصيرة جاء الشــــيخ الطيّـار ومعه عبيده إلى منزول (مضافة ) الشيخ فارس في القريتين, فرحب به, وأخبره بالقَسَم الذي حلفه, وإنّه جاء ليبـرّ به, وهنا خرج بعض أبناء القريتين من المنزول كي يخبروا ابن رحمون بهذه المصيبة التي ستحل به, وفعلاً وجدوه جالساً في حارة حوش أروام وقيل في ساحة الشيخ عاضد حيث بيته هناك, فأخبروه وطلبوا منه أن يفـرّ بجلده, ويتوارى عن الأنظار, وإلاّ سيقطع لسانه, وكان ابن رحمون فقيراً وثيابه تدل على ذلك .

لم يتأثر ابن رحمون بما سمعه بل وقف ومشى معهم إلى منزول الشيخ فارس مطرقاً رأسه يفكر, والمسافة حوالى 200 م, ويدخل الشاعر المنزول ويسلم على الحضور وكان الشيخ فارس خارجه يأمر بتهيئة الطعام, ويدخل ويتفاجأ بالشاعر..!, ويسأله الطيار عن ابن رحمون هل هو في القريتين أم خارجها, فيرد ابن رحمون قائلاً: أنا ابن رحمون يا شيخ .

الشيخ: أنت ابن رحمون ؟ يا ويـلك منـي, بدي أقطع لسانك, أنت اللـي بتقول لابن شعلان:

ما قمطتْ الدّاياتْ  ظني مثالُهْ       ولا نظـيرُهْ جابتْ الجيابـهـا

ابن رحمون: نعم, أنا اللي قلت هذا, لَكن يا شيخ والله حصتك مقيومة ( أي محفوظة ).

الشيخ: ما الذي أبقيته لنا يا ابن رحمون ؟

ابن رحمون: ما أبقيته لك أكثر مما أخذه ابن شعلان.. هو كريم يستحق المدح وأنت فارس تستحق الثناء لشجاعتك . 

تدخل الشيخ فارس وقال: هات ما عندك يا ابن رحمون.. فارتجل هذه الأبيات أمامه  .

وكانت هذه القصيدة التي جعلها على شكل قصة ومحاورة وهي بعنوان ( الفارس والكريم ) حيث كما قلنا جعل ابن شعلان الكريم والطيار هو الفارس :

يا حيف يا دارٍ خلَتْ من أهلها


عقبَ الْمعزةْ مْنهو الْذي بيصونها

كانوا بِها عزّاً لها وحماها


فوق الصّوافن بِالوغى يحمونها

سطّايةً وطّايةً عطّايةً


سرد السبايا بِالكرمْ يعطونها

عنّايةً  بنّايةً  فنّايةً


خُزن الذهبْ من جودهم يفنونها

هزّاعةً خزّاعةً جزّاعةً


خشومَ الأعادي بالوغى وطّونها

ما قالتْ الشّعار بِأمثالِها


أبياتْ من بحرِ الزكا قالونها

عن فتنةٍ صارتْ عليّ بِسبّتي


وحاضرين رجال عالي ودونها

تخاصمتْ جيادها وأجوادها


واثنينهُم بفعالهم نالونها

تعاركوا وتعابكوا وتشابكوا


حتى سيوف الماضية سلّونها         





وسط المجالس حاضرين رجالٌ


قالوا لهُم: شيطانكم اخزونها

ما تستحوا يا اجْواد من شيعاتِها


الكُلّ منكُم ينتخي لعيونها

عدّوا لنا علم الصحيح واهجعوا


العار بين النّاس ما تخشونها

قالت اجْوادها: نحن الذي


كثر عيوبنا بالكرم غطونها

قالت الفوارس: نحن الذي


كم شاربٍ بالسيف هم وطونها

قالتْ الحُضار: خوذوا ارزاقكم


لعندَ العوارف, بِحقكم ترضونها

شدّوا ومدّوا عَ ديرة حلبْ


لعندَ ابن مهيد, هُم يقضونها

قال السخي: يا عارفةْ وشْ عندكْ


باللي أتوا باللّيل ما يدرونها

عقب نصف الليل كان نزولهم


الليل ظلمةْ وهدفِ السحاب نزونها

أول لقايي يا هلا ويا مرحبا


بوجه باسم يضحكن سنونها

وثاني لقايي كان ضوّاً عالقْاً


على مَن حضر حتى تشوف عيونها       

وثالث لقايي أكرمت أنا لَخيلهم


مخالي الرمك لعذارها ملّونها

ورابع لقايي كان سمن جامد


من فوق لحمٍ وسامنات متونها

وخامس لقايي عللتهم لَناموا


من فوق فرشٍ ضافيات ردونها

عند الصباح صبّحتهم بِخيـرٍ


وآمرتْ  أنا برقانهُم ملّونها

سكر المصري بسرعة جاهم


الْبُن يحمس, والخدم دقونها

وحلفتْ عليهم من بعد ثلاثةْ


من بعدها لاوطانهم ردونها

وهشالنا يا عارفةْ ما تنقطع


من غير طلاب الذي يأتونها

سنة الغلا تلقى افعالي زايدةْ


سنة المحل والقوت ما يلقونها

أريدكْ يا عارفةْ تنصفني


بيني وبين الفارس المضمونها

قال الفارس: يا عارفة وش عندك


بسحوت العرب للصبح يـمدونها

ومن يوم مدت حل فيها قومٌ


لو تقول حتى حوار ما خلّونها

ثم أتاني صايحاً ومفزعاً


من فوق حمرة طايرات عيونها

أشوف غيد الحيّ قامن يصيحن


للخيل يا اهل الخيل هم ينخونها

قمت عَ حيلي واعتليت بهمتي


لعيون غيد الحيّ, أنا لعيونها

سميت بسم الله واعتليت بسرجها


كم بعت روحي للذي يشرونها

والحقتهم من فوق حمرة ضامر


كم قلت: يا أهل الطمع ردونها

سمعوا صوتي قالوا: هذا صالح


يا اهل الطمع برواحكم فوزونها

ثلاثين حمرة من أصايل خيلهم


قلايعٍ من خلفِنا يبرونها

رديتها وحدي بعالي همّتي


هذي فعالي والعرب شافونها

أشوف أهل الحيّ قاموا يزغردوا


الخيل تلعب والعدو مغبونها

أسألك يا عارفة  بِصلاة محمد


روح العزيزة ما يعادل دونها(11)

قال العارفة: ياحي صلاة محمد


ما يعادل القبان لا موزونها

دم الفتى ما هو بسمنٍ جامد


ولا بخرفان التي يشرونها

دم الفتى ما هو بدم الفاطر


ولا ينوش الرمح رووس متونها

لَصارت الأسوام عَ روح الفتى


شياه العرب والترك ما يعدلونها

إنّ الاجواد أخبارها وأذكارها


شبه  السراج بعتمة يضوونها

أما الفوارس شبه برق لامع


مشاعلٍ بِدوّة  يآ ضوونها

صار ابن مهيد حقه عنده


مئتين غازي لَرضي  وزبونها

بعده الصلاة على النبي محمد


عدد ما حرك نسيم غصونها

سُـرَّ الشيخ والحضور بما قاله الشاعر ابن رحمون, ثم قام الشيخ ومرر سيفه بالمقلوب على لسان ابن رحمون ليبـرّ بيمينه وقيل أخذ كم ثوبه وقطعه بسيفه, ثم نادى الشيخ على أحد عبيده وقال لـه  : يا وَلَدْ  قُمْ  خُذْ ابن رحمون إلى دكّان ابن الضعيف واشتري لـه كسوة, وتكون من ملبوسات الأجاويد والشيوخ من العقال حتى الزربول (  الحذاء ) 0  

 

6ً- الشاعر حسين النجم ( أبو فواز ) : 

ولد في القريتين عام  1908 م, وأوتـي قدرة عجيبة على المشي والركض السريعين, و كبار السن في القريتين يعرفون ذلك, حيث كان يأتي من تدمر إلى القريتين مشياً وبزمن غير عادي, وكان من عازفـي الربابة, ويمتلك صوتاً جميلاً, ويقول الشعر المحكي والعتابا, توفي عام 1994 وقد بلغ من الكبر عتيا, وتُروى له قصة مع البدو حيث يقال إنه أنقذ فتاة قروانية مسيحية من الغزو كانت مدوّنة لديّ بتفاصيلها وهي تدل على شجاعته ومروءته, وكنت أتمنى نشرها وبدقة مع قصص القريتين ولتدل على التآخي بين أبناء البلد أيضاً, ولكن عندما قابلت أخاها لأخذ معلومات دقيقة عن هذه القصة, أنكرها وطلب مني عدم نشرها وكان صديقاً لوالدي رحمه الله فاستجبت له, كما ترك الشاعر مخطوطة بقلمه حوت شعره الشعبي, وأهم ما فيها هذه القصيدة.

في فترة شبابه ذهب الشاعر إلى فلسطين للعمل فيها, وأحب فتاة وأحبته, وكل منهما كتم حبه الذي دام سنتين, وكان الشاعر مخلصاً لها, ويريد الزواج منها, ثم فجأة تغيرت الظروف, وتغيرت معها الحبـيبة, وأخيراً اضطر للعودة إلى بلدته القريتين, فكانت هذه القصيدة الجميلة :


{{ غبّ اليـراع  }}

غبّ اليراع بدواة العيون داحيْ


هذي قوافي بسْ راسي حواها

حزاز يدعج ناصعات الطلاحيْ


بمْدادْ عند موق عيني جراها

أمراً جرى لي ما جرى للوشاحيْ


يا قصتي ما ظن كاتبْ تلاها

تولعتْ بغرام زين المعاني


زين الخصايل والمواصف حواها

بيني وبينه صار عهداً وضاحي


اللّه يجازي مَنْ يخون بهواها

ظليت انا سنتينْ  قاضي مراميْ


حافظ عهودي ما الْغيت بثناها

من عقب باق الخلّ, والسعد باحي


أحنث عشيري بالعهود ونساها

مـن شاغلي بكيت دم القراحي


غمر الشّدةْ من فوق خدّي جراها

اندرت أدور في جميع النواحي


ولهان غادي بينْ عل وعساها

وانْشدت الطّراش تايه وصاحي


ما من صحيب اللي علومه طراها

مِنْ حبّها كلّ يوم لَبْني مناحي


    كلّ ما طرت عَ البال صبح ومساها

سهم الهوى لو صاب سنجار ماحي


يهدم قصوراً شامخاتٍ بناها

ياما غدو حدري غميق البطاحي


مْن الهوى يا ما تدارك خطاها

ابن العنيسي بهوى الزين ساحي


سروب الظبا يسرح ويمرحْ معاها

سبع سنين يدوّر بوسع البطاحي


عاف الرفاقةْ والمواطن نحاها

مجنون ليلى جَرَع مرّ الاقْداحي


قصر اليمامة مات بَاعْلى صفاها

شالوه مغطّى فوق عوصِ الانْصاحي


كلّ ما ذكروها  يقوم يتبع خطاها

طير النيا حولي رفرف جناحي


بدّل لذيذ العيش هَمّ وشقاها

ابديتْ أوصّفْ لَظبي البياحي


هلّي سلبْ روحي وعقلي خذاها

الطّول عود الزّان قيد الارْماحي


شقر الذوايب فوقْ مثنى رماها

بدر الدجا مِن مفرق الزين لاحي


أشّر على كلّ الحماد وضواها

يا عين ريمٍ من درة الدرّ داحي


قوطر جفولٍ طالع الزول جاها

أبو خديد بلون ورد الأقاحي


مَنْ شمهنْ  فاقِد حياته  جداها

شهد العسل من مبسم فطيم ساحي


يشفي عليلاً بين موت وحياها

جيد الظليم المستطيب المشاحي


قطّف نْواوير الرياض ورعاها

    

حواشيسس وإحالات الفصل الثاني :

=======================                                              

1 – فوزي القاوقجي قائد جيش الإنقاذ في فلسطين 1948م 0  

2 – الحاخام زعيم ديني يهودي وهناك من يحفظ هذا البيت بطريقة أخرى  0 

3 – شكري القوتلي : رئيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال, عُرف رحمه الله بأمانته واستقامته ,  الصورة رقم ( 8 ) انظر سيرته الذاتية في الصفحة ( 221 ) الجزء 2 0

شكري القوتلي

الصورة رقم ( 8 ) الرئيس شكري القوتلي رحمه الله 

4 – فارس الخوري: سياسي وشاعر ومحامي, ولد في قرية الكفير التابعة لحاصبيا عام 1873م, عضو المجمع العلمي العربي, نفاه الفرنسيون إلى أرواد 1925م, تسلم عدة وزارات في سورية منها وزارة المالية والخارجية, وانتخب رئيساً لمجلس النواب ورئيساً للوزارة, مثل سورية في الأمم المتحدة, توفي عام 1962 م ( الأعلام ج 5, ص 22 )0

 5 – العقيد محمـود بنيـان : ولد في الناصرية التابعة لمنطقة جيرود عام  1902م , ومن القادة العسكريين في حرب فلسطين 1948م, تسلّم آمر حرس البادية ( الهجانة ) وتوفي عام 1973 م 0 

6 - كعوش بلدة في شمال فلسطين حدثت فيها أهم المعارك عام 1948م حيث تمكن الجيش السوري من تحريرها0وكان يقودها العقيد محمود بنيان ولولا فرض الهدنة وتآمر الحكام والوزراء العرب لتغير وجه التاريخ في المنطقة, وهذا ما أشار إليه الشاعر عندما قال : (شـكري ملـكنا والـوزر خـاينيـني ) فقد مدح من يستحق الثناء وذم من خان وتآمر .

7- الخلوج: الناقة التي يموت ولدها بعد الولادة فتحزن عليه, ويضرب بها المثل في شدة الحزن والحنين 0

8-  الأقطاب الأربعة عند الصوفيين هم : عبد القادر الكيلاني وإبراهيم الدسوقي وأحمد البدوي  وأحمد الرفاعي, وقيل غيرهم كالشاذلي مثلاً 0

9- ختمت هذه القصيدة بأبيات مدح فيها أحفاده رحمه الله وهي :

سـلّم علـى فايـز فـرز العيــالـي


عمـرو طـويـل ومـا يقاسـي نكدها

أثـني عـلى فيصـل ذيـب المشالـي


أخـو سـميرةْ اليـوم يوفـي بْـوعدها

غـازي غـزالْ الكـلّ مـالـو مثـالي


مثـل النـداوي سـاكـنٍ بِصعـدهـا

10- صالح الطـيّار: شيخ ولـد علي من عنـزة, وهو شيخ مشايخ البدو, وكانت القهوة تصب بدءاً منه ويقال لمن يصبها في مجالس الشيوخ: ابدأ من عند قطر الندى ( أي الشيخ صالح الطيار ) وذلك لكرمه وفروسيّته, ومن أحفاده ســــلطان الطيار ومن أولاد الأخير اللواء المتقاعد محـمد الطيار في الســــعودية .

11 - العارفة : هو الذي يقوم بالقضاء عند البدو معتمداً على الأعراف والتقاليد, وهو معروف لديهم, فهناك قاض للحقوق, وآخر للنساء والخيل ( المقلدات ) 00إلخ 0











الفصل الثالث:  

الغناء في القريتين

قلنا سابقاً إن ابن القريتين تميز بغنائه الشرقي الأصيل وبصوته العذب, وله حضوره داخل القريتين وخارجها, كما قلنا إن هناك ألواناً للغناء أهمها العتابا والمولـيّا والميجنا والقصيد والهجيني والمطوّح وغزيل وعلى البيبة وعَ العميم والهوارة..., ولكن تبقى العتابا الشرقية الأصيلة والموليـّا والقصيد من أجمل هذه الألوان, وهي تراث غني يحتاج إلى توثيق وتدوين وجمع, فما زال مبعثراً هنا وهناك, يحتفظ به البعض, ويخشى عليه من الاندثار, وفي هذا الفصل سأقدم نماذج من هذه الألوان .

1ً- العتـابـا :

العتابا شعر شعبي باللهجة المحكية موزون, ويتألف بيت العتابا الشرقية من أربعة مقاطع  الثلاثة الأولى منها تنتهي بالكلمة نفسها حيث تتفق باللفظ, وتختلف بالمعنى, ويعرف هذا الشيء في علم البلاغة بالجناس, بينما المقطع الرابع يخالفها وغالباً ينتهي بالباء أو الألف أو الهاء, وإذا كانت آخر كلمة فـــي المقاطع الثلاثة الأولـــــى تحمل معانــــي واحدة فيقال للبيت  ( مطبوق ) وتدعى عتابا مكســورة أي غير كاملة, والعتابا على وزن البحر الوافر وجوازاته :

مفاعلتن مفاعلتن فعول                  مفاعلتن مفاعلتن فعول 

وللعتابا تموجاتها عندما تغنى على الربابة تحمل معها أنغام البادية وحنينها وحزنها, ويقال: إن العتابا نشأت من حكاية وهي: ( قبل عدة قرون كان يقيم في إحدى القرى فلاح يكسب قوته بعمله, فيحرث الأرض, ويزرعها دون أن يملك, إلا أن عزاءه الوحيد كان في السعادة والأمان في بيته حيث زوجته (عتابا ) الشابة الجميلة ولكن الأيام انقلبت عليه كلياً حيث لاقت زوجتـه هوى من مالك القرية, فانتزعها منه, وأخذها إلى قصره, ولمّـا عاد الزوج لم يجد في البيت ( عتابا ) ذلك السراج الذي كان يضيء حياته, وأخذ الزوج يدور في كوخه, يتذكر كلّ أيامه الخوالي بكلّ أسى وحزن, وشعر أن حياته انتهت, فهجر القرية إلى الجبال, لينشد هذه الأغنية الشعبية:

عتابا بين برمي وبين لفتي


عتابا ليشْ لا غيري ولفتي

عتابا ما روح للقاضي ولا أفتي


عتابا بالثلاث مطلقا

1-  دورانـي                       2- اقتربتِ وألفتِ               3-  أطلب فتوى

وظلّ الزوج يردد هذا اللون من الغناء الشعبي الذي عرف باسم العتابا, ودرج عليه الناس, وأدخلوا مقدمة عرفت باسم الميجانا ) ( 1)

وهناك من يرى أن العتابا بدأت بعبد الله الفاضل وهو من شيوخ الحْسنة, وذلك بعد إصابته بمرض الجدري, وهو مرض خطير ومخيف عند البدو لاستحالة علاجه, فالبدو يبنون لمريضه بيتاً بعيداً عنهم ويتردد عليه من أصيب به, واكتسب مناعة منه, وفي قصة عبد الله أن قومه اضطروا للرحيل بحثاً عن الكلأ والماء  تاركين شيخهم وشاعرهم في غيبوبة يعاني حمة الجدري, ومعه كلبه (شير) الوفي له وربابته, وأحد العبيد حيث ذبحوا لهم جزوراً قبل رحيلهم, وبعد أيام لحق العبد بهـم قائلاً لهم: إن عبد الله قد مات, وعندما أفاق عبد الله أدرك كلّ شيء فخاطب كلبه الوفي قائلاً:                                  

هَلَكْ شالوا على مكحول يا شيرْ


وخلّو لكْ عظام الحيل يا شيرْ

يَلو تبكي بكلّ الدمعْ يا شيرْ


هلكْ مـا عاد لكْ  منهم رجا(2)

ثم قيض الله له جماعة عالجوه من مرضه, وقيل: إنهم ( صلبة ) فشفي, وتغيرت ملامح وجهه, وبعدها عمل صانعاً للقهوة ( قهوجي ) في بيت الشيخ تمرباش في الجزيرة, وفي أحد الليالـي أنّبه الشيخ, فانزعج عبد الله, وأخذ يقول أبياتاً من العتابا تجاوزت الثلاثين يمدح فيها أهله رغم انزعاجه منهم, فاعتذر منه الشيخ بعد أن عرفه, وطلب منه البقاء لكنه رفض, والأبيات التي قالها تبدأ معظمها بعبارة ( هلي ) مثل: ( هلي بالدار خلّونـي أو هلي عز النـزيل أو هلي يفعلون كذا مما يفتخر به ).

ثم عاد إلى ديرته وأهله, وعندما تعرفوا عليه حاولوا استرضاءه, فرفض, لكنهم احتالوا عليه فيما بعد عندما مرت أمامه الفرسان تلاعب الخيل, ثم مرت أظعان عشيرته وفي المؤخرة ظعنه دون زينة والنساء يسرن خلفه حافيات حزينات, فتأثر من ذلك وهو الفارس والشيخ, فعاد إليهم شيخاً للعشيرة. 

  وسواء أكانت العتابا بدأت بزوج ( عتابا ), أو بعبد الله الفاضل الملحم أو بغيره حيث يقال في العراق: ( إن هناك شاعراً اسمه عبد الله الفاضل برز في هذا النوع من الشعر, واشتهر في بلاد العراق وفي شمال شرق سورية, ولمّا وصل ما نسمعه من هذه العتابا إلى بلاد حمص وحماة ظن الناس أن قائلها هو عبد الله الفاضل الملحم, فنسبوها إليه... وهو ( أي ذلك الشاعر ) معروف حتى الآن من قبل المشتغلين بهذه الصنعة ويسمونه في العراق بيطار العتابا ) (3), فإن العتابا انتشرت, ولاقت رواجاً في البادية والمعمورة, ولاسيما في قبيلة الجبور في سورية والعراق, كما وجد فــــي القريتين الكثير ممن يقول العتابا ويعرف معناها ويفسرها, ويســـــمى ذلك ( فكّ بيت العتابا ), فالكثير من العتابا الشرقية فهمها عصي على الكثيرين, وتحتاج إلى ذكاء وخبرة, ولأهل القريتين باع طويل في العتابا حتى غدوا مرجعاً لمن يلتبس عليه فهم بيت منها, فمثلاً خذ هذا البيت الذي يقال عنه ( بيت ثقيل ) (4):   

أنـهجنْ تسعـةْ يا صـاحبْ ما لبـنايْ


خضـتْ أبّحرْ مظلمْ ما لبنايْ

شْربت عيون سبعةْ ما لبنايْ


ولا عكّر بحر ماهِنْ ترابْ

وأشهر الذين اهتموا بالعتابا وتفسيرها في القريتين كل من الراحلين : خالـد العباس - الطرشة – ( أبو راتب)، ومحمد الطيفور (أبو عزّات)، ومحمـد الشلحة ( أبو عبد الرحمـن)، وياســــين الســـماعـيل ( الشلحة ) ومصطفى وإبراهـيم الرحمون، وإبراهيم إلياس ( أبو عدلة )، وإبراهيم الطحان ( أبو مطانس )، وخالد الجراد ( أبو عوض )، ودرويش الغصن ( أبو خالد ) ، وعبدو الأمين الصالح ( أبو فؤاد)  وللأخير الكثير من العتابا والقصيد, وقد أجاد الغناء والعزف على الربابة, وله تسجيلات جميلة جداً. 

والعتابا لم تقتصر على الرجال, بل شاركت المرأة في حفظها وتأليفها مثل نوف العوض (الحبمبة) والدة المربـي عبد الكريم وأخيه المطرب والشاعر الشعبي عبد اللطيف السطاح, وهي مشهورة بقصائدها الساخرة والجميلة, كما توجد أبيات عتابا لنساء في القريتين.

AVSEQ02

الصورة رقم ( 9) مجلس عتابا حيث يرى المطرب الشعبي محمود العبيد وبيده الربابة

إن الكثيـر من العتابا لـم يعد يعرف قائلها ولا المناسبة التي قيلت فيها, وربما السبب حفظها في الصدور وعدم التدوين, وسأقوم بكتابة هذه الأبيات المختارة مع الملاحظات التالية:

1 - البيت الذي يعرف قائله أو المناسبة التي قيل فيها سيتم التنويه عنه, وذكر ذلك مع بعض الملاحظات المفيدة.

2- كل قاف في هذه الأبيات غالباً تلفظ كافاً أو جيماً في اللهجة المصرية كما هي لهجة البادية مثل ريق تلفظ ريك, وأحياناً تلفظ الكاف والقاف جيماً مثل فارقهم تلفظ فارجهم وفاركهم, الحكيم تلفظ الحجيم, فالعتابا تعتمد اللفظ البدوي.

3-كل( يـَ ) قبل الاسم هي للنداء حيث النطق وسلامة الوزن اقتضت كتابة ذلك, فمثلاً: يا قلبي تُقرأ يَقلبي, يا دنيا تُقرأ يـَدُنـيّا, ولذا تمت الكتابة هكذا لضبط الوزن وسهولة القراءة.

4- العتابا لا تعتمد قواعد اللغة العربية في النحو والإملاء, فعلى سبيل المثال يمكن إضافة (ال ) التعريف للفعل مثل: المات, الصان, التفتخر, وحرف الجر (على) يصبح ( عَ ) أحياناً...

5- بسبب قلة التدوين, وكثرة حفاظ العتابا في القريتين يلاحظ تعدد الروايات للبيت الواحد وكذلك تباين الشرح, مما يجعل الباحث في العتابا يحتار بين هذه الروايات وكيفية الشرح, وهنا حاولت أن أختار الرواية الأفضل, والشرح المناسب لهذه الأبيات, علماً أن لكل شاعر ظروفه التي قال فيها بيته, ومن هنا فالمعنى الحقيقي في قلـبه, وفيما يلي أبيات مختارة مما حُفِظ في الصدور غالباً:

أباتْ اللّيلْ عَ الخُلاّنْ بي دايْ


أعضعضْ بِنيابي العشر بيدايْ

أنا اللي شلتْ شوكَ الدّار بيدايْ


صُفَتْ مِنْ حظّ نوّام الضحى

1- بـي داء                              2 – بيدَي                              3- في البدء

أباتْ اللّيلْ توجعني رجاليْ


يَغير المصطفى مالي رجا ليْ

ندهَتْ الباز سلطان الرّجالِ


يفكّنْ الوسايق بالطّلبْ

1- رجلـَي                            2- رجاء لي                               3- الرجال

4 – الوسايق : الأسرى, والمقصود  بالطلب النجدة من قبل الخيل0

أبات الليل عَ الخُلان مالومْ


على جمعٍ تِشتتْ كان مالومْ

عسى يالْلمتني أمسيتْ مالومْ


يصيبك مثل دلاّلـي غَثا

1- أتألم                                2- مجتمِع وملموم                         3- مُـلام

أبات الليل كَنّي بْبَطن حيّةْ


معضعضْ والجروحْ  اليوم حيّةْ

لفى ظعن الحبايبْ, قُلتْ: حيّا


وحيَّ  الغـايبينْ  الْهُم  سنةْ

1- أفعـى                           2-  غير شافية                            3- أرحب بهم

أبات الليلْ أشِل الجرح وارْثايْ


على اللي مالهمْ بِالحي ورثايْ

كم بيتٍ دعاه البينْ ورثايْ


عُقبْ ما كان هرجو للضّحى

1- أخيطه                            2- خِلفة                          3- رث ويستحق الرثاء 

-  البين : الفرقة, الهرج: الحديث.

أباتْ الليلْ كنْ حشاي بي دكْ


الرماح وسالمات العظم  بيداكْ

يَرثيعْ, عقدة التنحلْ بيدكْ


أخير مِنْ  التعضعضْ بالْنيابْ

1- طعن                              2- بعلتك ودائك                               3- بيدك

 –  هذا البيت أرسله المرحوم محـمد خالد المعراج من الأردن لعمه المرحوم رثيع العبيد, وللبيت قصته, كما له صيغة أخرى.   

أتاري عِشْرة الشينينْ بَلْشايْ


مثل النّقـر بالصّوانْ بِالشّايْ

لحم كلايْ مضموناتْ بِالشّي


مَنْ عاشرْ غثيث الطبعْ شابْ

1- مشكلة                                2- بشيء                              3- من الشواء

- البعض يقول : مثل الناقع الصوان بالشاي.

أذكّرني رسوم الدار بيهمْ


وهذول الْكُنتْ أكيد اعْداي بيهمْ

هذولا لي ثلاث حاجات بيهمْ


المراجلْ والمروةْ والسّخا

1- من الهموم                               2- بهمة                                   3- بِهم

- رَسْمُ الدار: ما كان من آثارها لاصقاً بالأرض, البعض يبدأ البيت ( تذكّرنـي أو تهيمني) 

اتوسلْ بالنّبي المختار حالاكْ


عسى ربّ السّما يلطفْ  بحالاكْ

ظهر زهر الرّبيع وحال حولكْ


عسى ربّ السّما يمحي الخطا

1- حالاً                            2- بحالتك ووضعك                       3-  مضى عام 

اتوسلْ بالنّبي المختار طهْ


الذي لولاه ما كانتْ وطاها

إن كان النارْ أدانيها واطاها


أنا مدرك على العشرة الصحابْ

1- طـه  ( البعض يظنها من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم )     2- الأرض           3- أطأها وأدخلها

اتوسلْ بالنّبي المختارْ مِنْ جورْ


الليالي وعيبْ عَ اللي يخون بالجارْ

أحسْ بوسط لُبْ حشاي من جرّ


المناشِرْ منْ تكاليمْ العِدا

1- ظلم                                    2- بجاره                              3- نشر وحزّ 

اتوسل بالنّبي المختار واقرا


الكتاب ولا يصيب السمع وقرا

أني بوصِّيكْ صلِّ وصوم واقْرى


الضيوف اللي لَفَت عُقب العشا

1- اقرأ                                    2- صَمَم                                   3- اكرِمْ

اتوسل بالنبي المختار بس حارْ


الدّليلْ واطلب الغفرانْ بِسحارْ

صبور آني على الشّدات بسْ حرّ


هواكمْ زادْ نيراني لهبْ

1- احتار                               2-  عند السحر                       3-  فقط حرارة

- هذا البيت لطـه الرحمون.

اتوسلْ بالنبي المختار من هم


ليالي طوال ما جاني علوم منهمْ

شابْ العارضين ورحل من هام


الشعر عَ فراقْ مجذوع الذوابْ

1- هموم                                 2- من هم                                   3- مفرق

- هذا البيت لعوض الجراد, وأبيات التوســل السابقة هي لطه الرحمـون وعوض الجــــراد, الصـــورة رقم    ( 10 ) .

جراد

الصورة رقم ( 10 ) المرحوم عوض الجراد أبو فواز 


أحبابي معدنْ الصّافي تِبرهُمْ


ولا ني من حمايلهم تبرهُمْ

هاتو لي ريق أبو كذيلة تبرهِمْ


جروحي, والسلك سبق الذوابْ

1- معدن الذهب                    2- أهديهم وأبرهم                     3- أجعلها مرهم 

- والسلك سبق الذواب : يريد خيط الجرح من ضفيرة الشعر المرسلة.

أحبابي الكوطروا عنّي بعيدينْ


عسى ما كنت أفارقهم بَع ِايدينْ

يَربّ البيت تجمعنا بِعيدينْ


الفرحْ ويزيلْ عَنْ قلبي الغثا

1- ابتعدوا                         2- مقدار باع من اليدين                    3- من الأعياد

أحبابي كاملين العقل والرُّوحْ


وعليهمْ لانْحِثّ القَدَمْ ونروحْ

جينا لانْبِلْ الشوق وِنْروحْ


رَجعنا محمّلينِ مِن الْغثا

1- والنفس ( كمترادفة للروح عند بعضهم )    2- نذهب إليهم           3- نروّح عن أنفسنا

أحبابي ليشْ تجفوني ورِدكومْ


أحس من الضمير إنّي ورِدكومْ

أخاف يكون تيهان الورِدكومْ


مْن الْمنهل اتْورّدْ عَ السّرابْ

1- أريدكُم                          2- وريد ( دم ) لكم                  3- الذي يرد الماء

اِحنا مْشَرِّقْ وانتمْ بِغربايْ


فْراقكمْ زحن عْظامي بِغربايْ

وحق اللي خلقْ عيسى بِغير بايْ


عليَّ  فراقكمْ جمر الغضى

1- بالغرب ( ليبيا )                     2- ببعدك                                 3- بغير أب

اِحنا مْشَرِّقْ وانتمْ بِليبايْ


فْراقكمْ حطّ بِجسمي بلا بايْ

وحق اللي خلقْ عيسى بلابايْ


عليَّ فراقكمْ جمر الغضى

1- في ليبيا                              2- بَلايا به                                 3- بِلا أب

- هذا البيت والذي قبله للراحل محمـد الشـــــــــلحة ( أبـي عبد الرحمن ), وذلك بعد ســــــــفر حفـيده ( فؤاد ) إلى ليـبـيا في السبعينيات من القرن الماضي.

أريدْ أتلْ أبو كذيلة ما ينْتلْ


حزين وكنتْ أهيلْ تراب مِنْ تلْ

سألتك يا حليوه الطّول مَانتَ الْ


ذي حطّيتْ بالْعاني صْوَابْ

1- ينجذب                                2- تل                               3-  أنت الذي       

- العانة : أنثى الغزال

أريدَكْ تِسرع بحالي يَقيدومْ


وعلى همّ بِدلالي يجي دومْ

تِولّم عَ المسير واسرِع يَقيدومْ


قبل ما اموت بِديارِ الجنابْ

1- يا من في المقدمة                    2- يأتي دائماً                             3- يا رجلي

أريد أبكي على روحي وَناحاي


الدنيا ضاقت بعيني وَ نا حاي

صديق الْما شكا بحالي وَ نا حيّ


ما ريدو يوم ردات  الترابْ

1- من النَوْح, البكاء بصوت عالٍ           2- مستحي                      3- أثناء حياتـي

 - البعض يقول : صديق الما شفت نفعو وانـي حيّ, وبعضهم يقول : أخوي 0

أدورِ لهُم  بِلاد العِز والجوفْ


ومِنْ غبتُمْ دليل حشاي وجّوفْ

بناميلي لخمشَ الوِجه والجوفْ


عليكُمْ  يا لطيفين الِجوابْ

1- مدينة في السعودية          2-  شبت فيه النار مع الضَّجَر            3- داخلي كالصدر

أسافةْ ايامنا ولّتْ ومرتْ


شربنا من لذيذ الصّبر مراتْ

حاولني زماني كثير مراتْ


وبعدْ منها رماني عَ الوطا

1- عدت وذهبت                          2- المر                            3- عدة محاولات

أسافةْ هالعمرْ رايح ضياعينْ


مْشتتْ بالبراري والضياعينْ

أنتُم اعْزاز قلبي يا ضيا عينْ


العزيزةْ, وما عنى منكم حدا

1- ضـائـع                                2- القـرى                               3- ضياء عين 

أسافةْ يا ليالي العزّ مرّينْ


على فراقو شربنا الكأسْ مُرينْ

أحسّ بضامري كَحفر مَرّينْ


وكلّو حزنْ عَ فراق الْحبابْ

1- مررن                            2- فيه المرارة         3-  مثنى المرّ ( من أدوات الفلاح )

- هذا البيت لإبراهيم إلياس ( أبو عدلة ).

    أشْ بيدي عَ الغريب إنْ شحّ ما جادْ


وعليهم يا دموع العين ماجادْ

أنا لَحزن عليهُمْ كلّ ما جادْ


الكريمْ, وزاد بِمُزنْ السحابْ

1- بَخُـل ولم يكرم                  2- موجات                           3- كَرُمَ وأعطى 

اعتلينا من توالي الليلْ حرّةْ


انْدور عَ السكنْ  بطراف حَرّةْ

يا دمعي لَبحور السبعْ حّرّه


عِندْ ما فارقوا ظْعون الحبابْ

1- ناقة                2- أرض غليظة ذات حجارة سوداء            3- سخّنها أو عكّرها  

افكاري شاتت بغير ماكانْ


اصبّر بالقلب للحول ماكانْ

حبيبي با للّحظ يا ناس ما كانْ


طعني والطبيبْ أنكر دوا

1-  بغير محل                        2- ماذا سيحدث بعد عام                 3- بقوة ودقة   

أفوّت للصّديقْ  إن كانْ ما كانْ


أردّ العدو بْعودْ ماكانْ

لَوْ  هَلي من الشينين ماكانْ


بكيتْ ودمعتي بلّن ثيابْ

1- كأنه لم يكن                     2- قوي ومكين                             3- ما كنت  

إلو محورْ بِدلالي ولاناي


هذولا لاسَووا كِبدي ولاناي

عشير الجهلْ لا أنتَم ولا ناي


أبدْ ما عاد نفرحْ باللقا

1- والاني وقيل ماكِن               2- ودون شوي ( تلذيع )                      3- ولا أنا

- قائل هذا البيت المرحوم محـمد الشلحة, المحور : سيخ من الحديد يحمى لوسم الإبل, والشطر الثاني يشير إلى أن كبده يلذّع فلم يحرق تماماً ويرتاح ولم يبقَ نيئاً كما كان ( زيادة في التعذيب )0

إلهي الخالقْ العنقودْ بِالدّالْ


لَعين الْيطبخونْ الهيلْ بالدّالْ

عشير الكُنتْ أودو اليومْ بدّلْ


لَغيري وانْكر العهد المظى

1- بدالية العنب                        2- بدلال القهوة                         3- غّير وبدل

أمسْ مرّيتْ عَ الناهي وسلميتْ


سَكَتْ ما رَد وادْعاني وسلميتْ

ضربني بعود من يدو واسْلمِتْ


لو لا الروغ ضامني الصوابْ

1- وسلّمت وحييت                    2- في سِلّ وموت                          3- ونجوت

أمكْ من غزال وابوك من حورْ


وقلبي من حكايا العفن من حورْ

حسبتكْ أنس تاريك من حورْ


جنة, وانْزلك نسم الهوا

1- طير حرّ                        2- منزعج وغير راضٍ                  &nb