كان التعليم في الماضي يقتصر على الكتاتيب ( عند الشيخ ) ولقد أتقن آباؤنا القراءة والكتابة على يد الشيخ سعيد محـمد الخطيب (1870 – 1948) م, والشيخ أبي إدريس أحمد الكراش (الهدبة) (1904 – 1990 ) أو في المدرسة الإنجيلية الوطنية ( مدرسة سليمان جبور أو كما يقال آل جبور )(1) وهي من النشاط البروتستانتي في بلادنا (نشاط له جانب تعليمي وآخر صحي ) بإشراف الدنمارك, وأشهر من درّس فيها المربي والشاعر توفيق جبور وشاركنه بعض المعلمات , وقد ضمت صفوف المرحلة الابتدائية من الأول وحتى الخامس, وموادها هي المواد التي تدرسها وزارة المعارف السورية في ذلك الوقت, وكانت تقـع في حارة المعاصـر ( الحي الشرقي ), كما فتحت في القريتين المدرسة الكاثوليكية وهي ابتدائية تقع بالقرب من شركة الكهرباء ومجاورة للكنيسة, وقد أغلقت المدرستان لانتشار المدارس الرسمية.
أما التعليم في الكتاتيب ( عند الشيخ ) فهو كما في بقية الكتاتيب المنتشرة في سورية يعتمد الأسلوب القديم في التعليم, والتركيز على قراءة القرآن الكريم وتحفيظ سور من جزء عمّ وتبارك, وكذلك الخط والقراءة حيث يبدأ بتعليم الأحرف بالأسلوب القديم وهو :
ألف لا شن عليها ( أي لا نقطــــــــة عليها )
باء وحدة من تحتها ( أي نقطــــــــــة من تحتها)
وهكذا فـي بقية الأحرف, ثـم يعلمهم التهجـي للكلمات, ويستخدم غالباً القسوة فـي تعليمه مثل ( الفلقة ), وعندما ينتهي الطفل من إتقان قراءة الجزأين ( عمّ وتبـارك ) يقال له قد ختم القرآن وتحتفل أسرته بذلك وقد تحدثنا عن ذلك, والملاحظ أن الذين علمهم الشيخ يكتبون بخط جميل.
لقد كان للشيخ سعيد رحمه اللّه الفضل الكبير على آبائنا وأجدادنا الصورة رقم (28) فهو الذي قام بتعليمهم القراءة والكتابة وقواعد العبادة ولاسيما ما يتعلق بأمور الصلاة كما كان إماماً وخطيباً في الجامع الشرقي أكثر من نصف قرن ( 2).
وبعد نيل قطرنا الاستقلال عام 1946م انتشر التعليم الحكومي الرسمي بشكل واسع وقد اقتصر في البدء على المرحلة الابتدائية ( السرتافيكا )(3)في القريتين .وهذا لا يعني أن القريتين لم تعرف التعليم الرسمي قبل ذلك, فقد قيل إن أول مدرسة حكومية وجدت فيها عام 1895م بدار لآل الشاهين ودعيت بالنجاة, ثم انتقلت إلى دار آل العباس ( الورادي ) والتي تقابل الزاوية الجنوبية الغربية لحديقة البلدية وذلك عام 1905 م وهي مدارس لم يعد لها وجود ولا ثبوتيات أو سجلات يمكن الرجوع إليها, ولذا تعد مدرسة النجاة الرسمية وحالياً تدعى( مدرسة الشهيد محمـد علي الزرير ) أول مدرسة ابتدائية حكومية ما زالت قائمة ولها سجلاتها الرسمية وقد تأسست عام 1930م وضمت من الصف الأول وحتى الخامس حيث كان الصف السادس بداية المرحلة المتوسطة ( الإعدادية ) وكانت في دار أبي كسار الحميد وقد أصبحت حالياً لآل القطاش المجاورة لدار محـمد الحافظ بالحارة القبلية ( أنظر المخطط صفحة 70 في الجزء الأول ) ,ثم انتقلت إلى المدرسة المقابلة لمسجد الفردوس ( محـمد علي زرير ) ثم إلى مبناها غرب المركز الثقافي( المجمع التربوي حالياً ) وأشهر من تعلم وعلّم في مدرسة النجاة الأساتذة محـمد عارف طيفور وفهيم القاعد وبسام الفياض ومصطفى الدعاس رحمهم الله, ويعد المربـي الأستاذ بسام الفياض رحمه الله تعالى أول من مارس التعليم الحكومي من أبناء القريتين وأصبح مديراً لمدرسة النجاة ( 3 ) الصورة رقم ( 29 ), ثم أنشـــــــــــــــــــــــــــئت المرحلة الإعدادية ( البروفيه ) حيث افتتح الصف الأول الإعدادي في العام الدراسي 1958 - 1959م وذلك بدار محـمد فندي الخابور في الحارة القبلية وعندما توسعت انتقلت إلى دار لآل المشلب, وفي العام الدراسي 1963- 1964م تم افتتاح الثانوية بالصف الأول الثانوي ضمن هذه الدار, وفتح في العام التالي الفرع الأدبي واستمر حتى عام 1969م حيث أفتتح الفرع العلمي فقط, وقد تم انتقال الثانوية إلى المبنى الحكومي غرب نقابة المعلمين في الفصل الدراسي الثاني عام 1977 – 1978م ( حالياً ثانوية الشهيد أحمد الزرير ) .
ولا بد من الإشارة إلى وجود إعدادية خاصة دعيت بمتوسطة دار التربية الخاصة قام بافتتاحها بعض أبناء القريتين الغيورين المتنورين عام 1954م وقد أغلقت عام 1962م وتعد من المدارس الهامة في المنطقة وتدل على اهتمامها بالعلم, وكان لها فضل كبير على أبنائها وأبناء المناطق الأخرى ولذا أفردنا لها بحثاً خاصاً ( انظر الملحق ).
وفي أواخر السبعينيات تمّ فصل إناث المرحلة الإعدادية عن الذكور تحت مسمى إعدادية القريتين للبنات وكان دوامها مشترك مع مدرسة الكرامة ( الشهيد خالد الشكاس ) وفي العام التالي تحولت إلى ثانوية وانتقلت عام 1981م إلى مدرسة الزرير قرب جامع الفردوس وأعتز بأنني كنت أول مدير لها فعلى عاتقي تم تأسيس هذه المدرسة كإعدادية وثانوية, وفي العام 1982م استقرت في مبناها الجديد قرب الإرصاد باسم الشهيد أحمد الصبرة .
وأما الثانوية الصناعية بحرفها الثلاث فقد تم افتتاحها في العام الدراسي 1980 – 1981م وحالياً توجد سبع مدارس ابتدائية وأربع ثانويات الأولى للذكور والثانية للإناث والثالثة مهنية صناعية ونسوية, والرابعة ثانوية شرعية كما توجد دار الصناعات اليدوية فـي جمعية البرّ, ومعهد خاص ( معهد الرازي ) لدورات التقوية تمّ افتتاحه من قبل أولاد المرحوم محـمد أمين الدراوشة حديثاً.
الصورة رقم ( 28 ) الشيخ سعيد الخطيب رحمه الله (1870 – 1948) م
الصورة رقم ( 29 ) المربي الأستاذ بسام الفياض أبو أحمد رحمه الله
حواشي وإحالات الفصل السابع:
- يمكن القول إن رواد التعليم الحديث في القريتين هم آل جبّور، فسليمان جبور أول من مارس التعليم خارج نطاق الكتاتيب ثم أعقبه ابنه الشاعر توفيق بمشاركة كل من الآنستين نبيهة وبديعة جبور، وسلطانة الحبيب، ونور طحّان، والأخيرة هي أول فتاة من القريتين نالت شهادة الكفاءة، وقد انجبت هذه العائلة - التي لم يعد لها أي تواجد في القريتين- كلاً من: الدكتور والباحث جبرائيل جبور المدرِّس في الجامعة الأمريكية في بيروت، وهو أول من نال شهادة الدكتوراه من أبناء القريتين، ( أنظر الصفحة 260 لمحة عن حياته ) والقاضي شكري، وهو أول قاضٍ من أبنائها أيضاً، والمهندس الزراعي فؤاد والذي تسلّم مديرية الثروة الحيوانية في خمسينيات القرن الماضي، والدكتور الجرّاح منير في الولايات المتحدة؛ وكان سليمان جبّور يبيع أرزاقه لتعليم أولاده وهو مرتاح البال، والآخرون ينظرون إلى عمله نظرة استهجان.
- سبق الشيخ سعيد في تعليم الكتاتيب، الشيخ محـمد القاسم (الساعاتي) الذي كان إمام القريتين حوالي1330 هـ، وكتب الكثير من سندات التمليك, وصورة الشيخ سعيد هي بالأبيض والأسود وقد قام بتلوين صورته وبعض الصور الأخرى لتبدو أكثر وضوحاً الأخ شوقي ياسين الصبرة مشكوراً .
- مارس التعليم الأستاذ بسام الفيّاض( أبو أحمد) عام 1950 م، ثم تبعه المربّي مصطفى الدعّاس 1951م، الصورة رقم ( 30 ) وأول من مارســـــــت التعليم الرسمي من بنات القريتين المرحومة حياة القاعد ( أم خالد) زوجة المربّي طه الفيحان رحمه الله.
الصورة رقم ( 30 ) المربي الأستاذ مصطفى الدعاس أبو معن رحمه الله
ملحق التعليم في القريتين :
متوسطة دار التربية
افتتحت هذه المتوسطة عام 1954 م من ستة أسهم يمتلك نصفها السيد عبد الرزاق الحاج علي ( أبو أحمد ) حتى سمّى الأهالـي المدرسة باسمه, وهو من الذين اهتموا بنشر التعليم في القريتين, فهو صاحب أول مكتبة في القريتين أيضاً رغم أنه لم يكن معلماً, وإنما كان موظفاً في شركة نفط العراق, وقد توزعت باقي الأسهم بيـن السادة : مصطفى الدعاس ( أبو معن ), وعبد الرحيم الحميد ( أبو أكرم ) وعبد الفتاح الحميد ( أبو فاروق ), وخالد الدريبي ( أبو عصام ), وقد شاركهم في سنة من السنوات آخرون مثل السيد عادل عبد العال الذي درّس فيها.
- رأس مالها ( 5400 ) ل.س, وارتفع إلى ( 7826 ) ل.س, وأخيراً إلى ( 8637 ) ل.س, وهو مبلغ ضخم في تلك الفترة, ويتبين ذلك من خلال القسط السنوي ( 105 - 130 ) ل.س ويدفعه الطالب على مرحلتين مع رسم تسجيل للطالب الجديد ولمرة واحدة خلال مرحلة الدراسة مقداره ( 5 ) ل.س فقط.
- ضمت صفوف السادس والسابع والثامن والتاسع حتى 1958م حيث أصبح الصف السادس ضمن المرحلة الابتدائية.
- ضمّت طلاباً من القريتين وتدمر ومهين وحوارين والفرقلس والتياس وتل شنان والغنثر وأبناء البدو وقد بلغ عدد طلابها عند افتتاحها ( 42 ) طالباً, وقبل افتتاحها كان أبناء القريتين يذهبون إلى صدد أو إلى حمص لمتابعة تعليمهم بعد المرحلة الابتدائية.
- تعلّم فيها الكثـير من الذين أصبحوا فيما بعـد مدرسين ومعلمين ومهندسين وموظفين... إلخ, وعلى عاتق هؤلاء وآخرين غيرهم كانت النهضة التعليمية والاجتماعية في المنطقة ومنهم :
من المدرسين حملة الإجازة الجامعية: أحمـد السـعود ( فلسفة ), طـه الفيحان ( تاريخ ), محـمد ضيف الله القاعد ( لغة عربية ), منـير عطا الله ( لغة عربية ), أحمد قصاص ( جغرافية ), عبد الرحمن العبد الله ( لغة عربية ), عبد الرحمـن الفارس ( تجارة ), سليم الخطيب ( تاريخ ).
ومن المعلمين: محـمد العليـقة ( أبو قتيبة ), خالد العـبيد أبو مدين ( إجازة في الجغرافية ), علـي الجمعة ( أبو زياد ), عبد الحليم الحميد ( أبو أسامة ), عبد الحليم القاعد, مصطفى الباكير, محـمد سعيد الباكير ( أبو هشام ), محـمد خالد المحمد, عبد الله السـعود, علي الفريح, علي الزرير, تركي الخابـور, عوض أبو سمرة ( من قرية حوارين ) ... وغيرهم.
وتعلّم فيها كل من : الشاعر محمـد غازي العباس ( 1 ), الصورة رقم ( 31 ) , المهندس خضر قصـاص, القاصّ طارق العباس ( 2 ), محـمد سعيد الصالح ( إجازة فـي التجارة ), محـمد فريـد شبلخ, محـمد خالد الجيلو, عزام الفياض, خالد الصليـبي ( إجازة في التجارة )، محمـد سامي العبد الله, سليمان الفيحان, سليمان العباس ( إجازة في الجغرافية ), محـمد الصليبي, ذياب طحان, المختار روضان السعود , عدنان العساف, خالد سليم الخالد, جورج عطا الله, مؤيد الفياض, عبد الحليم النجم, عصام العباس, تركي الدعفيس, رياض شكور, و الآنسة نور, وقمر و رائدة الخالد... والكثير من أبناء القريتين.
ومن الشهداء : الملازم المجند فؤاد الصـــــالح أبو بشـــار (إجــازة في الحقـــــوق)( 3 )الصــــــــــورة ( 32 ) معن نورس العباس, الطيار الملازم الأول عبد الله مصطفى الكناوي, رحمهم الله .
ومن الضـباط : عبد الرحمن الجاروشة, محـمد نزيـه الزريـر, عبد الرحيم الدريبـي, محـمد خـير الخالـد, محمـد راقي العباس, المهندس محـمد طيفـور, إبراهيم اليوسف الصالح, عدنان البـراد, عبد المطلب طيفور, عدنان القـدور, عبد الرحيم الصالح.
ومن الأطـباء: مكرم الباكـير.
ومن بلدة مهين: غازي عمار ( إجازة في الحقوق ), فداء الأسعد ( إجازة ), مناع عز الدين, صالح سليمان, محـمد خير عز الدين, عبد الكريم قويدر ( المختار ), سعيد الحمود... إلخ.
ومن مدينة تـدمر: الشاعر سعيد عيد ( إجازة ) .
ومن الفرقلس: محـمد تركي المحمد, ومن رام العنز: فايز النقري, ومن تل شنان: رزق رزوق.
وأشهر مدرِّسيها: عادل عبد العال, حسين صلاح الدين, سعيد الحسامي, عبد الكريم رزوق, محـمد الجانـي, سليمان ضحية, محي الدين الجردي, راتب مكاوي, جورج بشور, عبد الحسيب الأتاسي, بشار الأخرس, محمـد نذير السباعي, محـمد نزيه الفياض, يوسف حنّون ( آخر مدير لها ).
- لم يكن همها سوى نشر العلم ففي عام 1956 لم تربح سوى 90 ل0س وفي عام 1960 كانت خاسرة لولا إعانة الوزارة في نهاية العام الدراسي( 4 ).
وكان الطالب الفقير يعفى من نصف القسط, وكانت نتائجها جيدة, ففي عام 1957 نجح بامتحان الشهادة المتوسطة 13 من أصل 23, وفي عام 1959 نجح 10 من 16, وفي عام 1961 م نجح 15 من 26 متقدماً.. وهي في وقتها مرتفعة لصعوبة الأسئلة ونوعيتها وكذلك التصحيح .
أغلقت المتوسطة عام 1962 بسبب افتتاح التعليم الرسمي في القريتين.
حواشي وإحالات الملحق :
================
- الشاعر محمـد غازي العباس رحمه الله : ولد عام 1943 م, مجاز في اللغة العربية من جامعة حلب, وله قصائد كثيرة وجميلة, قرض الشعر بالفصحى في مرحلة مبكرة من عمره, ولكن قصائده متناثرة ومبعثرة هنا وهناك وتحتاج إلى جمع وطباعة , ومن قصائده: من وحي آذار, أم القلائد, إلى بغداد, دقّت معانيكِ, وقصيدة تعزية للشاعر محـمد مهدي الجواهري بوفاة زوجته أمّونة الجواهري...
الصورة رقم ( 31 ) الشاعر محمـد غازي العباس رحمه الله
2- القاص طارق العباس : ولد عام 1941م, وله قصتان هما ( أين أبـي ) نشرت عام 1960و ( دمعة حائرة ) ونشرت عام 1962 م في الأدب القومي والاجتماعي, ومما يجدر ذكره أن القاص طارق العباس كتب هاتين القصتين وأبدع فيهما وهو في المرحلة الإعدادية.
3 - الشهيد فؤاد عبدو الصالح أبو بشار والشهيد معن نورس العباس من شهداء حرب تشرين 1973 م , ولقد قدمت القريتين الكثير من خيرة أبنائها خلال مراحل النضال الوطني والقومي على مذبح الحرية والكرامة كباقي المناطق في سورية الحبيبة, ولم تبخل بالنفس والنفيس, ولو حسبنا نسبة الشهداء إلى عدد السكان لكانت القريتين من أوائل المدن في هذه النسبة ولاسيما أثناء حرب تشرين وعلى أرض لبنان عام 1982م 0
الصورة رقم ( 32 ) الشهيد الحقوقي فؤاد عبدو الصالح ( أبو بشار ) رحمه الله
4- حدثتني السيدة الفاضلة أم أحمد زوجة السيد عبد الرزاق الحاج علي رحمه الله حول معاناة زوجها في توفير مستلزمات المدرسة وجلب خيرة المدرسين من حمص وريفها, وفي دفع رواتبهم في نهاية كلّ شهر, حتى أنه اضطر عدة مرات للتخلي عن الجزء الأكبر من راتبه الذي يتقاضاه من شركة نفط العراق للمدرسين.