الأحد، 24 يناير 2021

مقدمة كتاب القريتين وتراثها الشعبي


يمكن تحميل الكتاب كامل بصيغة PDF و قرأته بدون انترنت من هنا
الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث



منظر من القريتين





- عنوان الكتاب : القريتين وتراثها الشعبي ( الجزء الأول ) .

- تأليف وإخراج إلكترونـي : غازي محمود الشلحة .

- لوحـــــــــة الغلاف : المهندس خالد طه الفيحان .

- تصميم الغلاف والخطوط : طرفة عبد الرحمن .

- رقم الايــــــداع : ( 93953 ) تاريخ ( 2007 م ) .


إهــداء


إلـى كلِّ محبٍّ للـتّراثِ العربـيِّ الأصيلِ ...
إلـى الذينَ عاشوا فـي مدينتـي ( القريتين ) وتنعّموا بخيراتِها سواء أكانوا أحيـاءً أمْ وافـاهم الأجلُ المحـتومُ ...
إلـى الأرضِ التـي ارتـبطنا بِهـا, وأحبـبناهـا وغرزنـا جذورَنا فيـها, فمنحناهـا التعـبَ والكـدَّ والعرقَ والـدّمَ حتى أصبحتْ واحـةً خضراءَ وارفـةَ الظـِّلالِ, ومنحتـنا السّعادةَ والخـيرات, فكانَ فـي هوائِـها عبـقُ الشّـيحِ والقيصومِ والحرملِ, وفـي مائِـها طعـمُ الشّهدِ والكوثـرِ, وفـي ثِمارِها كلُّ مـا لـذَّ وطـابَ, وكأنّكَ فـي جنات.
إلـى الذينَ آزرونـي فــي وضـع ِ هذا الكتـابِ سواء بالتشجـيع ِأو التوجيـهِ أو تقـديـمِ معلومـةٍ مـا.
إلـى روح ِ والـدي الحـاج محمود الشلحة ( أبـي فـايـز ) رحـمهُ الله تعالـى الذي أحـبَّ القريتـين كثـيراً وأحبتـهُ .
أُهـدي هـذا الكتـابَ ... غازي




أيا واردي أمّ القلائـدِ


( فارس الفياض  ( 1))



1– فارس الفياض ( 1887م - 1938م ) : شاعر من القريتين سنتحدث عنه فيما بعد, وهي أبيات من قصيدة طويلة .




مقـدمة الطبعة الأولى ( الورقية )



منذ طفولتي وأنا أبحث بنهمٍ وشغفٍ عن كل ما يتعلق بمدينتي ( القريتين ), فما إن يطرق مسمعي أنها وردت في كتاب حتى أحاول الحصول عليه وقراءته وتدوين ما ورد فيه حولها, وهي عادتـي في قراءة ومطالعة الكتب.

ولكم كنت أطرح الكثير من الأسئلة على جدّي ( أبـي عبد الرحمن ) رحمه الله حول القريتين وسكانها وعن العتابا والقصيد ولاسيما أنه من حفظة هذا اللون التراثي ومن مؤلفيه, حتى كان جدّي لكثرة أسئلتي يملّ مني ويسكتني أحياناً.

ولكم كنت أشعر بالمتعة لهذه الأحاديث, وكبرت وكبرت آمالـي ولاسيما عندما انتسبت في بداية السبعينيات من القرن العشرين إلى جامعة دمشق – كلية الآداب – قسم الجغرافية, فازداد تعلقي بهذه المدينة أرضاً وسكاناً ولا سيما أثناء غربتي عنها, والتي دامت أكثر من ربع قرن حيث الدراسة والتدريس, وهذا جعلنـي أشعر بطعم الحنين إلى الديار التي كانت حاضرة فـي عقلي وقلبـي أينما حللت.

وكنت أيضاً أشعر بالتقصير نحو مدينتي رغم ممارسة التعليم لأبنائها وبناتها باذلاً – ويعلم الله– كلّ جهد لتربية جيل يؤمن بالله تعالى أولاً, وبحب وطنه وتاريخه والاعتزاز بماضيه المجيد والسعي لبناء مستقبل مشرق وعظيم ثانياً.

ولقد جاءت الفرصة السانحة عندما تم اختياري من قبل المركز الثقافي في القريتين لتدوين وتوثيق تراث هذه المدينة الطيبة رغم أنني لم أتفرغ لذلك, إذ ما زلت أمارس مهنة التدريس الشاقة والممتعة, ومع ذلك تحمّلت هذه المسؤولية متوكلاً على الله تعالى ومستمداً العون منه, ومعاهده أن أبذل كل جهد لإنجاح هذا المشروع, ومن هنا شمرت عن ساعد الجد, وبدأت ألملم أوراقي المتناثرة هنا وهناك وألتقي كبار السن من الرجال والنساء لتدوين وتوثيق حادثة ما أو بيت عتابا أو غير ذلك.

ولقد ساعدتني ذاكرتـي كثيراً في هذا العمل الممتع والمفيد إلاّ أن الذي يحزّ في النفس أمران:

- الأول: أن هذه المدينة العريقة أهملت كثيراً ولا سيما من قبل مثقفيها الكثيرين, فنامت في طيات الزمان, وأهملت في زوايا النسيان, ولم يبادر أحد إلى إيقاظها من سباتها, والاهتمام بتاريخها وتراثها حتى كاد ينســــــــى, وصرنا إذا قرأنا اسـمها في كتابٍ أو رأينا صورة قديمة لها تطير قلوبنا شوقاً لمعرفة شيء عنها.

- والثاني: أن جوانب كثيرة من تراث مجتمعنا في طريق الانقراض في زمن تهدد فيه العولمة خصوصيات الشعوب, ويحاول القوي في هذا العالم إزاحة الآخر, و إذابته في بوتقته فارضاً بضاعته على الآخرين, وكأنها هي الأفضل والأجمل علماً أنها خالية من الأصالة والعراقة والحيوية التي يتمتع بها تراثنا العربي الجميل, والذي يعكس هويتنا وأصالتنا.

إن مما يؤسف له دخول الكثير من التقاليد الدخيلة على مجتمعنا بسبب زحف المدينة, وانتشار وسائل الإعلام والاتصال, وما رافق ذلك من تطور اجتماعي واقتصادي سريع وهائل, مما يهدد كلّ ممتع ومفيد وأصيل في تراثه وحضارته, ومن هنا كان هذا البحث لهذا الجيل والأجيال القادمة, فهو صورة صادقة عن حياة الأجداد والآباء, راجياً أن أكون قد أعطيت كلّ ذي حق حقه, وركّزت على الجوانب المشرقة في تراثنا العريق لأن الزبد سيذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث فـي الأرض.

إن التراث يعبر عن شخصية الأمة عبر مراحل تاريخها, ولهذا التراث ميزاته الخاصة به وميزاته العامة المتقاطعة مع المجتمعات الأخرى, وهو مدرسة تضم قيم المجتمع ونتاجه وأحلامـه وتطلعاته وهو (( المرآة التي تعكس الشخصية القومية ونمط التفكير وأسلوبه ))(من محاضرة بعنوان (( الفولكلور .. موضوعه.. اتجاهاته.. والغاية من دراسته )) - كامل إسماعيل ألقيت عام 1984م).



إن الاهتمام بتراثنا وإحيائه أصبح ضرورة وطنية وقومية بل وإنسانية أيضاً, في وقت تتعرض فيه أمتنا العربية الغنية بتراثها وحضارتها الإنسانية الراقية إلى أعتى وأشرس عدو في تاريخها والمتمثل بالعدو الصهيوني الذي يحاول طمس هويتنا القومية وتدمير آثارنا أو سرقتها وتشويه حضارتنا ( مما يؤسف له أن تراثنا الشعبي لم يجمع حتى الآن, بينما الكثير من الشعوب تسعى لإحياء تراثها وجمعه ودراسته دراسة علمية والتمسك به, فالتراث الشعبي الروسي مثلاً بدأ جمعه في منتصف القرن الثامن عشر . ).

إن إحياء التراث لا يعني أن كلّ ما فيه يصلح لحاضرنا ومستقبلنا, بل المطلوب كما يقول الدكتور عبد الحميد يونس رائد الدراسات الفولكلورية في الوطن العربي في كتابه هو : ((غربلة هذا التراث, وانتخاب النماذج التي تتسم بالأصالة والرقي والقدرة على الإلهام, والتي تعد في الوقت نفسه معلماً من معالم التاريخ الثقافي, أو تقليداً من تقاليد التعبير الفني والأدبـي ))( دفاع عن الفولكلور – للدكتور عبد الحميد يونس – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1973م, ص 15 وما بعدها )

إنني عندما أكتب هذا البحث فلا أريد أن أكتب كشاهد زور, أو معتمداً على شهود زور, أو لمنافع شخصية, أو تزلفاً لأحد, فهذا ليس من شأنـي مطلقاً, وليس من شأن هـذا الكتاب, وإنما أبحث عن حقيقة الأشياء بكل أمانة ودقة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً دون هضم حق أحد, أو التغافل عن أمر مفيد, وإذا غابت عني بعض الأشياء في ناحية ما من نواحي هذا البحث الممتع - وأرجو المعذرة - فهذا لابدّ منه, لأن الإنسان يعجز عن إدراك الكثير من الحقائق التي أمامه, فكيف بمن يلتمسها فـي غيابات الماضي وعلى امتداد مجتمعه الواسع.

وعندما أقوم بتدوين هذا التراث وتوثيقه متوكلاً على الله تعالى أشعر بعظم المسؤولية والأمانة أمام أبناء مدينتي (القريتين ), وهو عمل آفاقه متعددة وواسعة, ويحتاج إلى جهد ووقت, فإن أصبت فهو غرضي والله الموفِّق, وإن أخطأت فالمعذرة مرةً أخرى، و شفيعي هنا نيَّتي وحسن مقصدي .

وأخيراً :

لا بد لـي في نهاية هذه المقدمة أن أشكر أخي المربـي عبد الرزاق الشلحة على ما قدمه لي من جهد ومساعدة ووثائق قيمة, أغنت هذا البحث وجعلته متكاملاً, وأشكر الشيوخ (كبار السن) على استشاراتهم ومعلوماتهم الهامة, وكلّ من ساهم أو شجع في إنجاز هذا العمل الهام الذي يهم القريتين, جزاهم الله عني كلّ خير.

﴿ رَبّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نسينا أوْ أخطأْنا, ربّنا ولا تحمِلْ علينا إصْراً كما حملْته على الذينَ مِنْ قبلِنا, ربّنا ولا تحمّلْنا ما لا طاقةَ لنا بِهِ, واعفُ عنّا, واغفرْ لنا, وارحمْنا, أنتَ مولانا فانصرْنا على القومِ الكافرين ﴾(سورة البقرة – 286- ) صدق الله العظيم .

والله ولـي التوفيق ...

القريتين في 1 / 6 / 2005م

غَازِيْ مَحْمُودْ الشّلْحَةْ





مقـدمة الطبعة الثانية ( الإلكترونية )



الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

في عام 2007 م صدرت الطبعة الأولى الورقية من هذا الكتاب ولم أكن يومها متفرغاً لهذا العمل, وقد نال استحسان الكثيرين من أبناء القريتين وغيرهم علماً أنها تميزت بأخطاء مزعجة لي سببها قلة خبرتي بأمور الطباعة والنشر فهي أول تجربة لي في هذا المجال, فعدد النسخ المتفق عليها نقص كثيراً بحجة غلاء الورق مع أن ثمنه مدفوع منذ البداية كعربون, كما طبعت معظم الصور بالأسود والأبيض وهو مخالف لما تم الاتفاق عليه وحتى الصور الملونة التي اخترتها مرغماً لم تكن واضحة كالأصل .

في الطبعة الأولى كنت أفتقر للكثير من متطلبات البحث والصور المعبرة فاضطررت يومها لشراء فيلم مستعيناً بكاميرا لأخي وصديقي الأستاذ لطفي العصورة, فأخذنا نتجول معاً في أحياء القريتين وخارجها ننتقي ما هو معبر عن أفكار الكتاب ..وقد نجحنا والحمد لله, ولكن تفاجأنا كما ذكرت ســابقاً بأن معظم الصور لم تكن واضحة أثناء الطباعة .

لقد مرّ على غاليتنا القريتين أحداث جسام خلال العقد الثاني من هذا القرن فقد تعرضت لمصيبةٍ ما أعظمها.. وطامّة ما أكبرها, فبيوتها دمّر معظمها, وتعرض أهلها للتشرد والتهجير في بقاع الأرض, وكنت من أوائل الذين هجّروا من أرضهم فاراً بديني وعرضي تاركاً مقادير الله تقودني من مكان لآخر حتى ألقت بي عصا الترحال في لبنان منذ منتصف نيسان 2012 م وحتى الآن .

لقد كانت غربة مليئة بالمفاجآت الكئيبة ويلفها حزن قاتل فليس أشد إيلاماً على الإنسان أن يهجّر من بيته تاركاً أمه وأهله وأصدقاءه وذكرياته .. هذا البيت الذي تركت فيه ما كنت أملكه وأعتز به من كتب ووثائق وصور قيمة على أمل الرجوع إليه, ولكن شاءت إرادة الله - والحمد لله - أن تطول غربتي القاتلة ويتعرض بيتي للنهب والتخريب من قبل تتار هذا العصر, وهذا ما يجعلني أبكي على القريتين وأهلها الطيبين الذين هم أهلي وسندي وعزوتي كما يبكي المحب لفراق غاليته .

ولا أريد أن أطيل فأقول :

ها هي الطبعة الثانية الإلكترونية أقدمها بين يدي القارئ الكريم راجياً أن أكون قد تداركت ما عانته الطبعة الأولى من نقص وأخطاء, فهي تمتاز بمزيد من الصور المعبرة والجميلة ومزيد من الشرح والتحليل لجوانب تراثنا القروانـي دون المساس بالبنية الأساسية للطبعة الأولى بل زادها رونقاً وجمالاً, وبسبب اتساعه اضطررت إلى تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء وهي :

1 – الجزء الأول : ويتضمن التراث المادي بالإضافة إلى لمحة جغرافية وأخرى تاريخية ولكنها موسعة .

2 – الجزء الثاني : ويتضمن جزءاً هاماً من التراث المعنوي وهو ( القصص والحكايات والأفراح والأحزان والعلاقات الاجتماعية والمعتقدات والتعليم والألعاب وغيرها من العادات والتقاليد ..... ) .

3 – الجزء الثالث : ويتضمن ما تبقى من التراث المعنوي وهو ( مختارات من الأدب والشعر والغناء وألوانه في القريتين وكذلك الملحق والفهارس والمراجع .....) .

ولقد وجدت أن نشره إلكترونياً يساهم في إيصاله بسهولة إلى أبناء مدينتي الغالية من نازحين ومهجرين والذين ينتشرون في بقاع الأرض وهم يشكلون حالياً الأكثرية الساحقة من أبناء هذه المدينة الطيبة والغالية على نفوسنا, فالطباعة الورقية مكلفة جداً بالنسبة لي ولأوضاعهم المعيشية المادية, كما يصعب عليهم الحصول على نسخها من هنا في لبنان .

مرة أخرى أقول :

﴿ رَبّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نسينا أوْ أخطأْنا, ربّنا ولا تحمِلْ علينا إصْراً كما حملْته على الذينَ مِنْ قبلِنا, ربّنا ولا تحمّلْنا ما لا طاقةَ لنا بِهِ, واعفُ عنّا, واغفرْ لنا, وارحمْنا, أنتَ مولانا فانصرْنا على القومِ الكافرين ﴾ صدق الله العظيم .

والله ولـي التوفيق ...






غازِيْ مَحْمُودْ الشّلْحَةْ 
عكار– لبنان في 1 /11/ 2020م .











 منظر جميل من القريتين ( عين السخنة )
جميع الحقوق محفوظة لــ مدينة القريتين 2015 ©